مقالات

الرابط العجيب بين محطة مترو فيصل وبعض المواقع الرقمية

مترو فيصل، أحد المحطات الرئيسية لخط المترو الثاني في القاهرة، عبر ذلك المنفذ تدخل أفواج كبيرة من البشر كل يوم صباحاً للذهاب إلى أعمالها ومصالحها، وتخرج منه أفواج مماثلة في المساء حين يعود الناس إلى منازلهم، فمنطقة “فيصل” هي من المناطق الأكثر ازدحاماً في القاهرة، والمترو هو الوسيلة الأسرع والأسهل للانتقال بين أحياء القاهرة الرئيسية.

بسبب تلك الأفواج الكبير من الناس التي تدخل وتخرج من البوابة كل يوم، هنالك الكثير من الباعة والبسطات التي تبيع الكثير من الأغراض، تحول الشارع إلى أزقة وممرات لمرور الناس وسط تلك العربات التي تتسابق للفت أعين المارة كي تبيع ما لديها.

تلك الجموع البشرية التي تتجمع عند نقطة واحدة، تعتبر كنز لهم، فجل ما يريد البائع هو التواجد في منطقة مزدحمة كي يعرض ما لديه لأكبر عدد ممكن من الناس، فكلما زاد عدد الزوار المارين من جواره كلما زادت نسبة عمليات الشراء، لذلك هم يتجمعون في تلك المناطق بشكل غير مرخص، وكلما حاولت الجهات المسؤولة إبعادهم عادوا مرة أخرى بعد أيام أو أسابيع.

إلى هنا ونحن نتحدث عن أمور عامة، لم نتطرق لأي شيء يخص التقنية، فما هو ذلك الرابط العجيب الذي يربط ذلك المشهد الذي وصفته في الأعلى، بتلك المواقع الرقمية التي تتواجد في فضاء الويب؟

إنها نفس الفوضى التي تحدث في الواقع المعاش، تحدث أيضاً في الواقع الرقمي، فبعض أصحاب المواقع يتسابقون لجلب أكبر قدر من الزوار، وفي صفحات مواقعهم تجد الكثير من الإعلانات المنتشرة بشكل غير منظم أو مرتب -كما هو الحال في تلك البسطات العشوائية- تلك الإعلانات التي تطغى أيحاناً على المحتوى الأصلي نفسه، يتم عرض الإعلانات بكثرة في صفحات الموقع كي تزيد احتمالية النقر على أي اعلان، فكل نقره لها عائد مادي يحصل عليه صاحب الموقع، ورغم أنه عائد بسيط جداً، إلا أن النقره جوار النقره تفرق.

هل أدركت وجه التشابه؟ لا !! إذاً دعني أوضح الأمر أكثر …

في ذلك الشارع هنالك الكثير من المارين الذين يصلون عبر تلك القطارات، في الويب هنالك الكثير من المارين الذين يصلون عبر قطارات قوقل، يبحث أحدهم عن شيء فتظهر له نتائج فيدخل موقعك الإلكتروني أو الرقمي، يمر من خلاله لأنه يريد معلومة ويذهب في حال سبيله، كما يمر الناس من بوابة المترو تلك ويذهبون في حال سبيلهم، أنت تعرض المحتوى وتعرض بعض الاعلانات في صفحات الموقع، تلك الاعلانات التي تكسب منها بعض المال، أيضاً البائعون يعرضون منتجاتهم على المارين، تلك المنتجات التي يكسبون منها المال.

كان من الممكن أن تبتعد تلك البسطات من أمام البوابة وترتب نفسها في الجهة المقابلة بشكل منظم، كما أنه من الممكن أيضاً أن تضع تلك الاعلانات في صفحات موقعك بشكل منظم، في الجوانب أو أسفلاً أو في أي مكان لكن بشكل مرتب، أن لا تزعج الزائر بكثرة الاعلانات وتفسد عليه الوصول إلى هدفه الأساسي، أن لا تضيق الخناق على الخارجين من بوابة المترو وتعيقهم عن الوصول إلى منازلهم.

الحِس الجمالي

تنمية الحس الجمالي لدى الأطفال أمر مهم، الجمال من القيم العالية التي تتحكم بالكثير من التصرفات في حياة الإنسان، ولأن العالم الرقمي هو جزء من حياة الإنسان، فهو أيضاً يتأثر بهذه القيمة ومدى قوة تواجدها في نفسية الشخص، فالذي يحب الجمال بشكل عام سوف لن يرضى بذلك المشهد في الحياة الواقعية، كما أنه لن يرضى أيضاً بتصميم الموقع الرقمي بتلك الكيفية، سوف يسعى لأن يكون موقعه جميلاً مرتباً منظماً، سيهتم بسهولة الاستخدام أكثر من مقدار الكسب والربح، لأن قيمة الجمال لديه أعلى من قيمة الكسب.

الظروف أدت به لأن يكون صاحب موقع، لو كانت الظروف مختلفة وأصبح بائع متجول لكان الحال هو الحال، الفوضى التي نراها هنا في صفحات الموقع ستكون موجودة هناك في الشارع، مادامات القيم والمعايير الداخلية هي نفسها، لذلك فليست المسألة متعلقة بإرادة الكسب والربح، فكل شخص يريد أن يكسب المال وهو أمر طبيعي، المشكلة في سلم الأولويات والقيم المغروسة في النفس البشرية.

لقد جال بخاطري هذا المعنى وأنا أقف أعلى سلم المترو، أنظر إلى المشهد بأكلمه كما تشاهدونه في الصورة، ذكرتني تلك الفوضى بفوضى الانترنت وصفحات الويب، تأملت في الرابط الواضح بين حياتنا الواقعية وحياتنا الافتراضية، فقررت أن اشارككم تلك الأفكار فكانت هذه المقالة.

‫5 تعليقات

  1. ههههههههه ذكرتني بفقرة ” الرابط العجيب ” أيام كنا نشاهد قناة سبيستون ^_^

  2. خيال اوفر يعني شو دخل فيصل وميصل بالقصة بامكانك تتكلم عن الموضوع بشكل مباشر ملي بجيلك مش مجرد ناس عالاقل بيعرف شو يعني اعلانات وموقع ويب

  3. أن تتمكن من ربط أحداث الحياة واستخلاص القيم والمفاهيم المشتركة لهو أمر جميل، وجميل أن يتعود العقل على مثل هذا النوع من التفكير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى