مقالات

عبودية التقنية

mouse

قبل عدة أيام وبينما كنت جالسًا مع الأصدقاء في جلستنا المعتادة اليومية، بدأنا بتذكر حياتنا في المدرسة والإجازات قبل أن يكون هناك انترنت وحتى هواتف نقالة ، وكنا نتذكر كيف كانت تلك الأيام جميلة بالنسبة لنا ، ففي تلك الفترة من عمرنا كنا نستمتع بأوقاتنا من خلال التعرض لمواقف مضحكة أو مواقف فيها نوع من الجرأة والتي لا تحدث إلا في سن المراهقة.

وعند تذكرنا لتلك الأيام الجميلة كنت أتمنى أن تعود تلك الأيام مرة أخرى لنعيشها من جديد ، فالمتعة والفائدة للأسف ارتبطت الآن بكل ما هو تقني ، صغارًا وكبارًا تجدهم متعلقين بالتقنية وأجهزتها المختلفة ، أما في السابق فالحياة تسير بشكل بسيط وتجد أن الحياة الاجتماعية أفضل.

أما الآن فصرنا نعاني من عبودية تقنية ، لا نستطيع أن نفترق عن هواتفنا و أجهزة الكمبيوتر و الايباد وألعاب الكمبيوتر ، فالصغار مشغولون بأجهزة البلاك بيري والأنترنت ، والشباب كذلك نجدهم ما بين الانترنت و الأجهزة اللوحية ، أصبحت التقنية جزءًا من حياتنا اليومية، وتحولت مع الوقت إلى عبودية مطلقة لها لا نستطيع أن نتخلى عنها ، انظروا لحالنا عندما نقوم بتبادل التهاني والتبريكات في المناسبات أصبحنا نستخدم الهواتف والبريد الإلكتروني في إيصال التبريكات ولم نعد نستخدم حتى المكالمة الصوتية لأداء الواجب الاجتماعي ، أتذكر خلال سفري لمدينة أبوظبي قبل عدة أسابيع كيف شعرت بالانقطاع عن العالم لأني لم أتصفح تويتر بالطريقة المعتادة ، فرغم ذهابي لمدة يومين مع زوجتي واطفالي للترفيه؛ إلا أن شعور “النقص التقني” لازمني طوال اليومين.

لتعرف مدى إصابتك بهذه العبودية جرب أن تنقطع عن الانترنت لمدة يومين أو ثلاثة أيام ، أو جرب أن لا تستخدم جوالك لفترة طويلة ستجد نفسك لا تستطيع القيام بذلك ، حتى أن البعض منا لو فقد هاتفه لمدة دقيقة أو دقيقتين تجده مثل المجنون يبحث عنه ويطلب ممن حوله بالاتصال على هاتفه لمعرفه أين وضعه.

قد يقول قائل إن هذه العبودية لها محاسن من خلال تسهيل أمور الناس في عملية التواصل وتسهيل الأعمال وجعل العالم قرية صغيرة ، هذا الكلام صحيح ولا أحد يستطيع إنكاره. ولكن للأسف كان الثمن باهظًا من وجهة نظري ، فحياتنا تغيرت إلى حياة إلكترونية بحتة ولا نستطيع أن نفترق عن ما نملك من أجهزة وهواتف …إلخ، ولم تكتفِ التقنية بتغيير حياتنا، ولكن أثرت بشكل كبير على صحتنا و حياتنا الاجتماعية كما ذكرت.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ما الحل؟ الحل من وجهة نظري هو أن نحاول السيطرة على هذا الانحياز للجانب التقني وأن نقوم بعمل موازنة بين حياتنا الاجتماعية واستخدامنا للتقنية ، وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا من الناحية الشخصية ومن الناحية الاجتماعية. ولكني أعتقد أنه من الواجب أن نربي أبنائنا على تحقيق هذه الموازنة، فالجيل القادم ستدخل التقنية في جميع أمور حياته ويحتاج لتوجيه بين ما هو مهم وما هو ضار ، يجب أن نعلمهم أن بعض الأشياء لا تحتاج للتقنية للقيام بها مثل التواصل الاجتماعي وصلة الرحم.

اظهر المزيد

‫29 تعليقات

  1. مقال اكثر من رااااااااااااائع يناقش القضية بشكل موضوعي سلس مشكور اخي سعود
    اسمح لي بنقله لمدونتي :)
    شكراً

  2. يبدو التأثير واضح في شهر رمضان المبارك كيف كان في الماضي وكيف هو الان التغير بدا مع دخول الفضائيات الى مجتمعنا وانتشارها فصبح فترة صباح الخميس والجمعه والظهيره فترة سكون في الشوارع ثم جاء الانترنت ولم يعد احد يلعب كوره في الحواري ثم انتشرت الجوالات فلا تتوقع ان يطرق بابك ضيف فالمواعيد اصبحت بالجوالات اليوم يقدر الواحد يقول بدينا نفهم مصطلحات لم نكن نسمعها الا في التلفزيون مثل انطوائيه اكتئاب قلق خوف وحالات نفسيه كثير في المجتمع .

  3. صدقت يا سعود..
    تصدق حتى الطرطعان (الالعاب النارية) فقدت أصواتها وإزعاجها، الصغارين طاحوا بالآيبود والواحد ما يرفع رأسه عن جهازه ولعبته، وما صار اللي يجذب في الماضي يجذب الحين.. :(

    شكرا لك سعود

  4. بالنسبة لي، لحل هذا اﻹدمان أقوم بالسفر إلى القرى أو بعض المدن في السودان ، وطبعاً بدون أخد اللابتوب، وأكون مقطوعاً عن اﻹنترنت، لكن الإجتماعيات وصلة الأرحام تكون هناك بنسبة 100%

  5. انقطعت عن الإنترنت قبل رمضان لمدة تقارب الأسبوع ، و فعلاً شعرت بــ “النقص التقني”

    و لكن لأكون صادقاً ، كانت فترة جميلة من الناحية النفسية و الاجتماعية و حتى ارتباطي بعائلتي :)

  6. إن كان أحدنا يبالغ في استخدام التقنية فمن الواجب أن يجرب المبالغة في عدم استخدامها، الهاتف النقال مثلاً أصبح لدي كقطعة أثاث بعد أن عودت نفسي خلال السنوات الماضية على تجاهله كلياً وأحياناً إغلاقه لأسابيع، في رمضان قررت ترك تويتر كلياً ووجدت نفسي أكتب أكثر في مدونتي بدلاً من تضييع الأفكار في رسائل قصيرة.

    أما الآباء فيمكنهم توجيه الأبناء بعيداً عن التقنية، لا أعني إبعادهم كلياً عنها لكن توجيههم إلى أنشطة ممتعة لا تحتاج التقنية، وهذه فرصة للآباء أنفسهم للابتعاد عن التقنية وقضاء وقت جميل مع الأبناء، الرحلات مثلاً خصوصاً في الطبيعة، ممارست هوايات مختلفة في المنزل، السفر إلى الخارج فرصة كذلك.

  7. قررت قبل ساعتين التخلي عن الآي باد لخمس ساعات على الأقل، وفعلًا قمت لألعب مع أخي الصغير (بلاي ستيشن!) لكن جاء أخي الكبير وطلب مني كتب لمحمود درويش فأحضرت الآي باد وأرسلتها له عبر دروب بوكس ثم قمت بتثبيتها على آي فونه وبالوقت نفسه كنت أقوم بتحميل تطبيق لآي بود أختي، أردت التخلص من جهاز فإذا بي غارقة في ثلاثة!
    أشجع على هذا النوع من الاعتزال وقد أفادني شخصيًا لحدٍ كبير. أخطط لجعله طقسًا دوريًا. سأبدأ به متى ما استطعت.  

  8. شخصيا..لا أجد لذة في الهواتف النقالة …و انا جد مستغرب من طبيعة هذا الادمان

  9. صار لك مدة ما كتبت مثل هكذا مواضيع اخ سعود ، بورك فيك مقال في القمة
    نحن فعلا في عبودية للتقنية و لا ارى له من انفراج بل الحال قد نرى لها منعطفات
    اخرى قد تؤدي على عبودية اكبر …

  10. صحيح، معظمنا يعاني من هذه العبودية. وأحيانًا يصعب الفكاك منها ولو حاولت
    وهذه إحدى مساوئها وعيوبها، تحاصرنا في العمل والبيت والشارع وفي كل مكان، وعلى الرغم من ذلك نحن نطالب بالمزيد من التقنية لما لها من إيجابيات عظيمة أهمها التسهيل وتسريع الأمور
    بالنسبة لي لدي عادة يومية وهي الابتعاد عن التقنية بمعدل ساعة إلى ساعتين حتى أتمكن من القراءة بتركيز شديد بعيدا عن الجوال والايباد واللاب توب حتى لا أنشغل بمشاهدة أي مادثة أو تنبيه من أي تطبيق وخلافه :)
    كما أني أحرص كل الحرص على أن لا أحضر الجهاز معي حين أجلس مع والديّ لأنهم يكرهون انشغالنا بالأجهزة وهم يتحدثون إلينا، خصوصا والدتي تشعر بأننا لا نهتم لكلامها وأكبر همومنا هذه الجوالات التي بأيدينا :$

    أحد أقاربي سن سنة جميلة، وكم أتمنى أن أرى كثرا يطبقونها
    اتفق مع أبنائه على اتفاق بأن لا يصحبوا الايبود معهم في أي مكان يخرجون إليه، ورأيه في ذلك، حتى لا يفقد الأطفال متعة اللعب الجماعي والاستكشاف والاستماع لما حولهم من أشياء
    وأنا أتفق معه تمام الاتفاق
    ويؤسفني حين أرى أطفال يعلقون على رقابهم جهاز الايبود في كل مكان يذهبون إليه.
    ويزعجني حين أرى الأم التي تبتاع لأبنائها مثل هذه الأجهزة، فقط كي ترتاح منهم ومن إزعاجهم!
    قد ترتاحين من إزعاجهم ولكن قد تفقدينهم للأبد، تفقدين روح الطفولة والبراءة والأسئلة الجميلة، المستفزة أحيانًا والذكية أحيانًا أخرى :)

  11. سؤال اطرحه لنفسي قبل ان اقيم هذه التقنيات , ماذا استفدت من ادماني لهذا الشي , ان كان خيرا ً حمدت الله وان كان شرا ً فا العيب فيني وليس في هذه التقنيات
    اما موضوع العبودية فأنا عن نفسي مدمن انترنت بشكل كبير جدا ً ولا ارى ان هذه عبودية بالعكس نحن نعيش في عصر الثورة المعلوماتيه ولابد ان نعايش الواقع اما الماضي فقد ولى ولنا فيه ذكريات جميلة ,
    مشاكلنا الحالية نعالجها عن طريق واقعنا الحالي وليس ماضينا القديم
    رسالة SMS بواقعنا اليوم توازي زيارة شخصية في ماضينا

    صحيح هذه التقنيات قللت من التواصل الاجتماعي المباشر , لكن ربما هذا يكون خيرا ً لنا , وزماننا هذا الواحد صار يخاف حتى من اعز اصاحبه لذلك اعتقد ان الانترنت خير جليس في هذا الزمان
    اما ان يصل الشخص الى مرحلة قطع صلة الرحم او العزلة الكاملة فهذا مرض نفسي يحتاج الى علاج نفسي

  12. جميل ماكتبت وهو واقعنا للاسف .. ولا استثني نفسي من الواقع الاليم

    بالامس .. انطفأت الكهرباء, وانقطع الانترنت عن حاسبي المحمول.. ولا اراديا وجدتني انتقلت الى هاتفي الذكي لاتصفح التويتر والواتس اب مع الزملاء في مجموعتنا “مجموعة الانس”. << قاربت بطارية الهاتف على النفاذ :(

    فذهبت للوالده في داخل المنزل لاتسلى معها واتبادل اطراف الحديث فوجدت اختي تجلس بجانبها .. طبعا "بالبلاك بيري" .. ولم تنظر الينا ولو من باب المجامله :(

    فسرعان ما تذكرت نحن مدمنوا التقنية والانترنت اننا "لا ننظر للحياة ولو من باب المجاملة"

  13. البارحة انقطعت الكهرباء في جدة في المنطقة التي اسكن فيها، شعرت بشعور رائع من هدوء لم احس به منذ فترة طويلة، واستمر حوالي ؤبع ساعة، يالها من لحظات رائعة ,,فقد اصبحت اعاني من التلوث الصوتي
    خطرت لي معلومة، وهي احد اهل العلم الفضلاء لا زال الى وقتنا هذا لا يقدر على ان يحمل جوالا او نقودا، نعم نقودا.
    طبعا مرافقه يحمل، ولكن هو شخصيل لم يقدر على ان يتعود على حمل شئ في جيبه.
    احب ان اضيف عبودية اخرى في عصرنا هذا هي عبودية الوظيفة،
    تجدون المقالة على الرابط
    http://www.hrdiscussion.com/hr1860.html

  14. التقنية بريئة من ذلك الاتهام فمرحلة المراهقه والطفولة كما هي لم تتغير ابدا
    اضيف فقط عليها استخدام التقنية وسيظل هكذا طالما المدرسة موجودة

    اما اذا تم اسبتدال المدرسة بالتعليم عن بعد مثلا باستخدام التقنية
    هنا بالفعل اصبحنا نعبد التقنية واقصينا اي شئ اخر جميل من حياتنا

  15. قد نُسميها مرحلة إدمان مستعصيه ولكن لا تصل الا عُبوديّه
    شكراً على المقال

  16. أخي سعود أنا من مما قلت في ذلك .. والعجيب والمضحك ..
    أنني حينما اجلس ساعات طويلة لأني تصفحي وبعض الاعمال على جهازي المحمول .. افرح حينما تتأتي فرصة ايقاف التشغيل للذهاب للنوم
    وحينما انخلد على سريري .. اقوم بتشغيل جهاز الايباد الذي لا يفصل بينهما خمس دقائق لاتصفح نوع اخر مراجعة سريعة لبعض الامور ..
    أما بالنسبة وهي الاهم .. أن تنقطع عن التقنية لبعض الايام
    هذا يعتد على عمر الشخص .. بالنسبة لي كان لدي الكثير من الاصدقاء قبل الخوض والادمان في عالم التقنية .. لهذا لا اجد مشكلة في انقاطعها رغم حنين الكبير لها .. لأن هناك ملجأ آخر
    تحياتي

  17. وانا مقاطع للشبكات الاجتماعية المزعجة
    وحذف التطبيقات المتعلقة
    والبلاكبيري ليس له مكان عندي جهاز الشائعات والثرثرة والضوضاء
    والاي باد لم اشتريت ولن اشتريه
    حتى لا اتحول الى عبد للتقنية
    واذا اردت التواصل مع اصحاب البلاكبيري استخدم الابتبوب واكتفي به حتى احد من استخدامي للتقنية
    اما الايفون فالتطبيقات محدودة استخدمها واجرب تطبيق بين وقت ووقت
    وبهذا اوقفت ادماني وبقيت قرب عائلتي انسان طبيعي

  18.  وانا مقاطع للشبكات الاجتماعية المزعجة 
    وحذف التطبيقات المتعلقة
    والبلاكبيري ليس له مكان عندي جهاز الشائعات والثرثرة والضوضاء
    والاي باد لم اشتريت ولن اشتريه
    حتى لا اتحول الى عبد  للتقنية
    واذا اردت التواصل مع اصحاب البلاكبيري استخدم الابتبوب واكتفي به حتى احد من استخدامي للتقنية
    اما الايفون فالتطبيقات محدودة استخدمها واجرب تطبيق بين وقت ووقت 
    وبهذا اوقفت ادماني وبقيت قرب عائلتي انسان طبيعي 

  19. كلامك صحيح أخي
    تخيل إني كنت منقطع عن النت والهاتف الجوال 5 شهور بسبب الحرب في ليبيا والأن بعد رجوعها على الفور رجعت إلى إستخدامها كأن هذه الفترة لم تزدني إلا تعلقا فيها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى