مقالات

لماذا يعاني البودكاست من قلة الانتشار؟

لماذا يعاني البودكاست من قلة الانتشار ؟

بدأت صناعة البودكاست العربية في الانتشار مؤخراً، وأصبحنا نسمع عن بودكاست جديد بشكل شبه يومي. كبودكاستر “قديم” نسبياً -بدأت في البودكاست في أواخر 2011 – فأنا سعيد بهذا الحراك وهو يذكرني بصعود اليوتيوبرز قبل سنوات، فقد أسهم اليوتيبرز في دفع صناعة المحتوى المرئي عربياً ونتج عنه العديد من الشركات وصناع المحتوى المميزون، مثل تلفاز 11، ويوتيرن، وميركوت الذين أطلقوا أول فيلم لهم في السينما مؤخراً.

اختلاف البودكاست الذي هو عبارة عن محتوى صوتي بالأساس، يجعل من تحوله إلى محتوى يستهلك من قبل عامة الناس أمراً صعباً، ويحصره في قلة قليلة.

أهم عائق أمام انتشار البودكاست هو عدم وجود منصة موحدة للاستماع. فاليوتيوبزر رغم أن عملهم كان قائماً على الفيديو إلا أن منصة المشاهدة كانت واحدة، وهي يوتيوب المتواجد في كل مكان من هاتفك الذكي إلى جهاز الألعاب والتلفيزيونات الحديثة. هذا التواجد سهل على صناع المحتوى الوصول إلى الجماهير، فكل ماعليهم فعله هو الترويج وسوف يستطيع الناس الوصول إلى محتواهم من أي مكان وعلى أي جهاز، فيوتيوب أصبح تلفاز العصر الحديث، سواءاً أحببنا ذلك أم لا.

أنظروا لحال صناعة البودكاست. في الماضي كانت منصات النشر محدودة والعديد كان مكلفاً في حين كان يوتيوب مجانياً.

لجأ الكثير من البودكاسترز في الماضي (وأنا منهم) إلى استضافة البودكاست على Soundcloud، وهي خدمة صممت في الأصل لاستضافة الموسيقى، ولكن السعر المعقول وإمكانية الاستفادة من خاصية RSS كانت من أهم أسباب توجهنا للخدمة.

أصبح الكل ينشر في Soundcloud إلا من رحم ربي، وللأسف فإن الموقع لم يكن يهتم بفئة البودكاسترز، كما أن مشاكله الخاصة حدت من تطويره، ومازلنا ننتظر خبر إقفال الموقع أو الاستحواذ عليه.

استضافة البودكاست كانت الخطوة الأولى بالنسبة لصانع المحتوى، فمن أجل الحصول على المزيد من المستمعين يجب عليك أن تضيف البودكاست إلى دليل iTunes، الذي يعتبر أكبر دليل للبودكاست في العالم، والذي تقوم بقية البرامج بنسخه والاستفادة من قاعدة بياناته. وحتى بعد أن تقوم بذلك فهو لا يعني أن سوف تحصل على المشتركين والمستمعين، لأن ماقمت به كان مجرد تجهيز الاستضافة وإمكانية الوصول إلى المحتوى فقط.

ندخل الآن في مشكلة الحصول على المحتوى واستهلاكه.

يعتبر الهاتف الذكي المنصة الرئيسية لاستهلاك البودكاست، والحق يقال، فإن Apple دعمت البودكاست منذ البداية عبر توفير تطبيق خاص على iOS وiTunes، ولعل ذلك بسبب أن كلمة بودكاست كانت خليطاً من كلمتي iPod و Broadcast حيث يرجع ظهور أول بودكاست إلى أيام iPod في بداية القرن الواحد والعشرين، ثم قيامهم لاحقاً بتوفير دليل لبرامج البودكاست والذي ذكرته سابقاً.

أما Google فقد اعترفت “رسمياً” بالبودكاست مؤخراً حين أطلقت تطبيق Google Podcast في 2018.

هذين التطبيقين ليسا الوحيدين، بل توجد العديد من التطبيقات الكثيرة التي ظهرت وانتشرت بين محبي البودكاست مثل Pocket casts و Overcast.

للأسف تعدد التطبيقات وعدم توفر مكان واحد للاستماع جعل من مشاركة البودكاست أمراً صعباً. فأنا كصانع للمحتوى علي أن أشارك أكثر من رابط، الأول على Soundcloud والثاني قد يكون رابط iTunes أو Google أو أي من البرامج المختلفة المذكورة سابقاً.

بالرغم من عدم حاجتك إلى تنزيل هذه التطبيقات دائماً، إلا أن نسخ الويب من خدمات استضافة البودكاست لا تقدم لك التجربة المثلى للاستماع، كما أن برامج البودكاست في بداية ظهورها لم تكن تدعم الاستماع مباشرة وكان عليك أن تقوم بتنزيل الحلقات لاستماعها وهو أمر كان يبدو غبياً للناس الذي تعودوا على مشاهدة مقاطع يوتيوب مباشرة دون الحاجة إلى تنزيل المقطع كاملاً.

لتكون الصورة واضحة لك عزيزي القارئ أريدك أن تتخيل اختفاء تطبيق يوتيوب، وبدل منه يتوفر لك أكثر من 50 تطبيق مختلف يسمح لك بمشاهدة المحتوى.

بعض هذه التطبيقات سيسمح لك ببدء المشاهدة مباشرة، والثاني يريد منك تنزيل الفيديو قبل أن تبدأ في المشاهدة. وغيرها لا يقدم لك طريقة بحث جيدة، وآخر لا يقترح عليك فيديو جديد لتشاهده بعد أن تنتهي، صدقني سوف تكون أسوء تجربة في حياتك وقد يتسبب هذا الشيء في فشل يوتيوب كلياً…ما تخليته الآن هو واحدة من مشاكل البودكاست الكثيرة.

رغم أنني ضد الاحتكار، ولكن البودكاست يحتاج إلى منصة قادرة على تقديمه بشكل يليق به، ولعل جهود Apple الأخيرة تسهم في ذلك، فقد قامت الشركة مؤخراً بتحسين تطبيق Podcasts على iOS كما أضافت تطبيقاً خاصاً بالبودكاست على نظام Mac OS وهو دليل على نيتهم دعم البودكاست بشكل أفضل.

و Apple ليست الوحيدة، فقد قامت شركة Spotify بشراء العديد من شركات إنتاج واستضافة البودكاست، وأصبحت تظهر البودكاست ضمن تصنيفات مكتبتها الصوتية. وعلى مستوى الشرق الأوسط بدأت ألاحظ أن العديد من الشركات مثل أنغامي بدأت في تقديم البودكاست ضمن تصنيفات محتواها، وحتى نتفلكس أظهروا اهتماماً بالبودكاست.

للأسف حتى الآن لا يوجد مقابل ليوتيوب في عالم البودكاست ولكن يبدو أن السنين سوف تغير هذا الشيء، الأمر يحتاج إلى بعض الوقت.

زر الذهاب إلى الأعلى