مقالات

ممثلون إلى الأبد: أرشيف هوليوود و الذكاء الاصطناعي

نسمع دائماً عن مخاوف المحللين من الذكاء الاصطناعي والتطور. فبعضهم يتوقع أن الكثير من الوظائف الحالية سوف تؤتمت وأن الكثير من البشر سيصبحون عاطلين عن العمل لأن الآلات قادرة على القيام بمهامهم بشكل أسرع وأكفأ.

أغلب الوظائف التي نسمع عنها تبدو منطقية، مثل سائقي الشاحنات، ومدخلي البيانات، فهذه الوظائف سهلة لدرجة الأتمتة، فهي لا تحتاج إلى الكثير من المهارات، وسيكون من السهل بناء برامج قادرة على محاكاة وفهم ما يقوم به أصحاب هذه المهن. 

هذه التوقعات والتحليلات جعلت أصحاب المهن “الإبداعية” مثل الكتاب والرسامين والممثلين يظنون أنهم في مأمن من التطور، فالذي يقومون يتطلب مهارة وخيال، يصعب على برمجته بشكل واضح، ورغم أن هذه الظنون في محلها إلا أن هناك بعض التطورات التي تحدث مؤخراً قد تضع الممثلين في قائمة المهن المهددة بالاندثار، ولو جزئياً.

تصغير السن

لو حضرت أي من فليمي Captin Marvel أو Guardins of the Galaxy Vol.2 فلعلك لمحت جزءاً من هذا التطور القادم لعالم هوليوود. فقد قامت ديزني في الفيلم الأول بعملية تعرف بالتصغير (De-Aging) والتي صورت الممثل سامويل جاكسون نجم هوليوود الشهير في أحد المشاهد وكأنه أصغر بخمسة وعشرين سنة عن عمره الحقيقي.

ممثلون إلى الأبد: أرشيف هوليوود والذكاء الاصطناعي
ممثلون إلى الأبد: أرشيف هوليوود والذكاء الاصطناعي

تعتمد هذه الطريقة على دمج الرسوم المنتجة بالكمبيوتر CGI مع الصور الحقيقية للممثل. ويتم ذلك عبر جعل عبر تمثل المشهد أولاً، ثم يتم إعادة بناء المشهد بالكمبيوتر وتعديل شكل الممثل ليبدو أصغر، وهي عملية تأخذ وقتاً ومجهوداً طويلاً.

أصبحت هذه الطريقة مشهورة جداً في هوليوود مؤخراً، وقد استخدمت من قبل الكثير من المخرجين في العديد من الأفلام، ولعل أحدثها هو فيلم The Irishman الذي قام بتصغير كل آل باتشينو ودي نيرو من أجل بعض المشاهد.

الأرشفة

قد تظن أن عملية التصغير هذه ليست بالشيء المخيف، ففي النهاية أنت تحتاج إلى وجود الممثل من أجل أن تعمل هذه التقنية؟ قد تكون مصيباً ولكن ماذا لو كان بالإمكان نسخ الممثل واستخدامه بشكل لا نهائي؟ تخيل معي أن الممثل مجرد صورة تستطيع أن تنسخها وتضعها في أي تصميم تريده؟ هذه الشيء ليس خيالاً بل هو واقع يحدث فعلياً.

فقد ظهرت الممثلة الراحلة كاري فيشر في الجزء الثامن من سلسلة أفلام ستار وارز، وذلك بعد أن قام مخرج الفيلم بإعادة استخدام العديد من المشاهد السابقة لها، ودمجها مع رسوم الكمبيوتر لتخرج لنا الأميرة ليا على الشاشة مرة أخرى. ويبدو أن استوديوهات لوكاس – المنتجة لسلسلة ستار وارز – بدأت في عمل نسخ رقمية من كل ممثليها كنوع من الأرشفة ليعودوا لها في وقت لاحق.

عملية الأرشفة هذه تعتمد أسلوباً مختلفاً عن التصغير. ففيها يتم أخذ الكثير من الصور للمثل من العديد من الزوايا والأوضاع، وتحت العديد من الإضاءات المختلفة، وهذا الشيء سيساعد لاحقاً على تركيب الصور على المشهد المناسب وقت الحاجة.

أما مؤخراً، فقد أعلن منتجوا فيلم Finding Jack أن الممثل الراحل جيمس دين سيكون بطل فيلمهم القادم، ولمن لا يعرف دين، فقد توفي الممثل في سنة 1955 بعد أن حقق نجاحاُ لا بأس به، ويبدو أن منتجي الفيلم سوف يستخدمون صوراً وتسجيلات قديمة بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي من أجل الوصول للصورة المثالية، ومن المبكر جداً الحكم على النتيجة كون الفيلم لا يزال في مراحله الأولية.

خلال السنوات الماضية شهدت صناعة السينما و الذكاء الاصطناعي نمواً في التقنيات، ومع استمرار التطور قد يكون المستقبل مظلماً لمن يرغب في امتهان التمثيل.

أبيع نفسي

حين تدمج الأرشيف الكبير لهوليوود، مع الذكاء الاصطناعي، سوف يصبح بإمكان شركات الانتاج اشراك أي ممثل في أي فيلم يريدونه دون الحاجة إلى دفع مبالغ طائلة، وقد يكون هناك رسوم استخدام أو ترخيص كما هو الحال حين ترخص الصور من أجل استخدامها في تصميم معين. فهذه الترخيص تعطيك الحق استخدام الصور في تصاميمك ولكن هذا الحق متاح لك ولغيرك، عليهم فقط دفع قيمة الترخيص.

في المستقبل القريب قد تكون هناك حاجة إلى ممثلين من أجل تركيب وجوه الممثلين عليها، وذلك من أجل المشاهد الصعبة والتي تحتاج إلى إظهار حركة إنسانية طبيعية، ولكن مع مرور الوقت وتحسن الذكاء الاصطناعي، لن تكون هناك حاجة لذلك، وقد يصبح الشيء الوحيد الذي يستطيع الممثل القيام به هو بيع “نفسه”، وأقصد بذلك أنه يسمح للاستوديو بأرشفته رقمياً، وفي حالة قام أحد بترخيص شكله سوف يحصل على نسبة من قيمة الترخيص.

أو ربما على من يريد التمثيل أن يفكر في التمثيل المسرحي، مع أن هذا الشيء أصبح رقمياً أيضاً، ولكن هذا حديث لوقت أخر.

زر الذهاب إلى الأعلى