الأخبار

فخ الألعاب الرقمية

الألعاب الفيزيائية تبقى إلى الأبد…

فخ الألعاب الرقمية

بدأت في شراء الألعاب الرقمية قبل سبع أو ست سنين تقريباً، وأول لعبة رقمية قمت بشرائها كانت Hitman Absolution على البلاي ستيشن 3.

كان قرار شرائي مدفوعاً بشيئين، الأول هو وجود تخفيض كبير على اللعبة، والثاني هو أنني – وللمرة الأولى في حياتي – كنت أمتلك اتصال إنترنت سريع يصل إلى 40 ميجابت، وأردت أن أعيش “التجربة الرقمية” مثل “الخواجات” الذين استمع لهم في البودكاستات وهم يحكون كيف قاموا بتنزيل هذه اللعبة، وتلك اللعبة، دون الخروج إلى السوق او شرائها من أمازون وانتظار وصولها.

بعد شرائي للعبة كان علي أن اترك البلاي ستيشن 3 يعمل طوال الليل لتنزيلها، ذلك لأن نظامه يختلف عن البلاي ستيشن 4 الذي يستطيع أن يستمر في التنزيل وهو في وضع الاستعداد، وهو حال أغلب أجهزة ذلك الجيل مثل البلاي ستيشن 3 والاكس بوكس 360 التي تكن قادرة على العمل في الخلفية أو في وضع الاستعداد.

جاء الجيل الحالي من أجهزة الألعاب – بلاي ستيشن 4 واكس بوكس ون – وأصبحت مناصري تنزيل الألعاب الرقمية أكثر. فقد تم بناء هذا الجيل لجعل عملية التنزيل أكثر سلاسة ويعمل في الخلفية، أو في وضع الاستعداد. وببضع ضغطات على الأزرار تبدأ اللعبة بالتنزيل وتشاهد الشريط الأبيض السحري يمتلئ ببطئ (حسب سرعة الإنترنت) كما يمكنك أن تستمر في اللعب دون أي مشاكل، فالتنزيل لن يتوقف. لم أكن لأتخيل أن ألعب لعبة، وهناك لعبة أخرى ستكون بانتظاري خلال بضع ساعات؟!! ليتني أعود في الزمن لأحكي لنفسي عن هذا الشيء.

لعل كسلي كان أحد محركات شرائي للألعاب الرقمية، لكنه ليس السبب الوحيد. فقد قامت كل سوني ومايكروسوفت بتحسين استراتيجياتها في متاجرها الرقمية، وأصبحنا نحصل على عروض أسبوعية، وتكون الأسعار منافسة للمحلات وفي الكثير من الأحيان تكون أرخص منها، وهو أعطاني مبرراً لتجنب تضييع ساعة أو أكثر بين زحام السيارات لشراء لعبة.

كما أن ميزة شراء الألعاب عن طريق متصفح الكمبيوتر وبدء التنزيل التلقائي للعبة عن بعد كانت ميزة رائعة، فقد أصبحت أشتري الألعاب من مكتبي في العمل ليبدأ الجهاز في بيتي بتنزيلها مباشرة، وهو ما جعل رحلة العودة من العمل إلى المنزل ممتعة، وكأني طفل تنتظر ذاهب ليفتح هديته.

حين حصلت على جهاز نينتدو سويتش، قررت أنني سأشتري الألعاب الرقمية فقط لهذا الجهاز وقمت بشراء كرت ذاكرة كبير لأضمن وجود أكبر كمية من الألعاب عليه، وكانت الحياة تسير بشكل جميل. وأصبحت متابعاً للعروض وأشتري الألعاب التي تهمني وأقوم بتنزيلها مثلما أقوم على البلاي ستيشن والاكس بوكس.

كانت الحياة تسير بسلاسة، حتى أنني قمت بترقية اشتراكي إلى 100 ميجابت بعد أن وصلت الألياف الضوئية للحي الذي أسكن فيه. لقد تحولت إلى مواطن رقمي بامتياز، إلى أن بلغت ابنتي الخمس سنوات…

في يوم من الأيام تصادمت رغباتي مع رغبات ابنتي، فقد كانت تريد أن تلعب ماريو بارتي، وكنت أريد أن ألعب سبلاتون. تخيلت وقتها أن وجود جهاز آخر سيحل المشكلة، لكن أفكاري توقفت وفجأة استوعب المشكلة الكبيرة التي سببتها لنفسي، كان الأمر مثل التفاحة التي يقال أنها سقطت على رأس نيوتن (مع أن الكثير كذب هذه الرواية).

حتى لو كنت أمتلك جهازاً آخر، لن تكون ابنتي قادرة على لعب أي شيء لأنني أمتلك النسخة الرقمية فقط، وهي مرتبطة بحسابي، وذلك من المستحيل أن تلعب بأي من الألعاب التي اشتريتها إلا لو قمت بإعداد حسابي، وتنزيل الألعاب مرة اخرى على جهاز أخر، وحتى لو قمت بذلك فيجب على الجهاز الثاني أن يبقى متصلاً بالإنترنت للتأكد من بياناتي، وبشكل عام ستكون التجربة متعبة وسيئة.

لقد وقعت في الفخ

استثمرت الكثير من المال في مكتبة ألعابي الرقمية على 3 منصات مختلفة خلال السنوات الماضية، ولكن هذه المكتبة لن يكون لها قيمة خلال عقد من الزمن، إلا لو استمرت شركات الألعاب في دعمها عبر أجيال الأجهزة المستقبلية.

لو قررت أي من الشركات إيقاف خدماتها مستقبلاً لأي سبب من الأسباب فإن هذه المكتبة سوف تختفي ولن يكون لها أي وجود، والمتابع لعالم ألعاب الفيديو يعرف أن الكثير من الشركات دخلت وخرجت من هذا المجال، لذلك فإن استثماري مرهون برغبة هذه الشركات بالبقاء في عالم الألعاب.

وهناك عيوب بديهية للألعاب الرقمية، فهي تعني أن لن تستطيع إعارة ألعابك لإخوتك مثلاً، ولو صدف أن اشتريت لعبة سيئة أو لم تلائم ذوقك فمن الصعب عليك إرجاعها أو بيعها، وهذا يعني أن مالك ذهب أدراج الرياح. وحتى على المدى الطويل فإن الاحتفاظ بالنسخ الفيزيائية من اللعبة، قد يسمح لك بإعادة لعبها ولو بعد حين، فأنا أمتلك جهاز نينتندو 64 يعمل بكل كفائة وأشغله من فترة لفترة، وهو جهاز يزيد عمره عن العشرين سنة، ولا أظن أنني سأكون قادراً على لعب ألعاب البلاي ستيشن 4 الرقمية بعد 20 سنة.

لقد غردت قبل فترة أن الألعاب الرقمية للعزاب، وذلك بعد أن وصلت لهذه القناعة، فحين يكبر أولادك ويزاحمونك في ألعاب الفيديو سوف تفكر في شراء جهاز مستعمل كي تريح رأسك، ووجود الألعاب الفيزيائية سيسهل هذه العملية بدل أن تضيع في الإعدادات المختلفة وتعيين الجهاز الرئيسي وتنزيل الألعاب هنا وهناك.

وفي حالة أفلست يمكنك أن تبيع ألعابك بأسعار رخيصة، لأن الخيار الثاني سيكون بيع حسابك بأكمله، وهي ظاهرة بدأت في الظهور، ولعلها من تأثير التوجه الرقمي الجديد. لكن إذا أردت المحافظة على مالك قدر الإمكان، فشراء أقراص الألعاب أفضل وتستطيع أن تضمن لعبها ولو بعد عشرين عام.

زر الذهاب إلى الأعلى