مقالات

التعليم والشبكات الاجتماعية (2): نشر المحتوى التعليمي عبر تويتر

لم تعد شبكة تويتر مجرد خدمة صغيرة يمكن تعريفها ببضع كلمات: شبكة التدوين المصغر – تغريدات نصية قصيرة – موقع لنشر التحديثات والأخبار العاجلة. كل تلك التعريفات أصبحت من الماضي، أما اليوم فقد تحولت تويتر لشبكة عملاقة، ليس فقط بسبب عدد مستخدميها، بل أيضاً بسبب تعدد خصائصها وتنوع إمكانياتها.

اليوم سنتحدث عن تويتر من زاوية التعليم، وعلى وجه الخصوص: مدى ملائمة ومناسبة نشر المحتوى التعليمي داخل الشبكة، فبعد أن بدأنا بـ “فيسبوك” في مقالة سابقة، اليوم ننتقل درجة للأسفل ونأخذ شبكة أصغر وأقل في الإمكانيات، لكن ليس بالقدر الذي -ربما- تتوقعه، صحيح أنها ليست متشعبه الخصائص أو متعدد الوظائف كما في “فيسبوك” لكنها تقدم عدة ميزات يمكن استخدامها في المجال التعليمي بشكل فعال ومثمر.

تويتر في التعليم

يمكن أن نقسم الفائدة من هذه الشبكة في مجال التعليم إلى قسمين: الأول هو في مشاركة المحتوى التعليمي الذي ينشر في مواقع ومنصات أخرى (محتوى خارجي)، والفائدة الثانية هي في نشر المحتوى التعليمي المنشور داخل الشبكة نفسها (محتوى أصلي).

أما الفائدة الأولى: فهذه الشبكة تعتبر مثالية لنشر المحتوى التعليمي للجمهور المستهدف، وعلى النقيض من شبكة فيسبوك الذي يتوه بداخله المستخدم، ويصعب فيه الوصول للجمهور، تُعَد شبكة تويتر المكان المثالي لنشر الروابط، بسبب محدودية الأجزاء والأقسام، وكذلك لأن خوارزميات فرز المحتوى لم تصل لمستوى “شراسة” نظريتها في فيسبوك.

وما يهمنا هنا أكثر هي الفائدة الثانية: فائدة نشر المحتوى التعليمي الأصلي، وفيما يلي نستعرض الخصائص التي تقدمها الشبكة والمفيدة في هذا المضمار.

نشر الصور والفيديو

تُعدُ الصور وسيلة تعليمية مميزة، وخاصة تلك التي تُصمم بشكل جذاب، قد تحتوي على معلومات مختصرة وقد تكون صور انفوجرافية تختصر الكثير وتقدم المعلومة في قالب جميل، والصور في تويتر هي وسيلة للهروب من ضيق عدد الكلمات المسموح به، فبعد أن كان الحد المسموح به هو 140 حرف، أصبح الآن (280) حرف في كل تغريده، أما الصور فيمكن بها تخطي هذا الحد وكتابة المحتوى بالكامل في صورة أو مجموعة من الصور داخل تغريدة واحدة.

لا يزال “الفيديو” هو الوسيلة الأفضل لنشر الدروس التعليمية وتقديم المعلومة بطريقة جذابه ومشوقة (إن تم تقديمه بطريقة غير تقليدية)، وفي السابق؛ كان من الصعب نشر الفيديو في تويتر بشكل مباشر دون استخدام طرف ثالث أو أدوات خارجية، لكن من بعد يونيو 2016، أصبح بالإمكان رفع الفيديوهات بطول لا يتجاوز 140 ثانية (دقيقتين و 20 ثانية).

ورغم أنه يمكن تجازو هذا الحد عن طريق تفعيل وضع الترويج؛ يمكن الاعتماد على الفيديوهات القصيرة لتقديم محتوىً إبداعي مختصر، فالمستخدم اليوم يفضل ما قل حجمه وخف وزنه من محتوى، وخاصة أن الشبكة نفسها عودت المستخدمين على الاختصار وعدم الإكثار، ويمكن نشر المحتوى التعليمي على شكل سلسلة تغريدات مترابطة، كل تغريدة تحتوي على فيديو قصير يعطي جزء من المعلومة.

التغريدات المتسلسلة

من الخصائص المفيدة التي توفرها شبكة تويتر “تسلسل التغريدات” فقد كان المستخدم -في السابق- يلجأ لترقيم بعض التغريدات كي يعرف القارئ أنها جزء من سلسلة وليست مستقلة بذاتها، لكن عبر الخاصية المتاحة الآن يمكن نشر المحتوى التعليمي بطريقة أكثر احترافية.

سلسلة التغريدات هي خاصية متاحة للجميع، حيث يظهر رمز (+) أسفل مربع كتابة التغريدة، يمكن النقر عليه ثم إكمال المحتوى في تغريدة ثانية متصلة بالأولى، ثم ثالثة ورابعة وخامسة …الخ ، وفي كل تغريدة يمكن إضافة صور أو مقطع فيديو، وحين النشر سيتم نشر الجميع دفعة واحدة.

الخيار الآخر هو أن تضيف تغريدة جديدة لسلسلة قديمة، وهذه فيها ميزة مهمة، وهي أنك ستنشر التغريدة وتظهر للمتابعين كمحتوىً جديد، لكنه سيكون مرتبطاً بالمحتوى القديم، وحين يقوم المستخدم بالنقر على التغريدة الحديثة ستظهر أمامه السلسلة بالكامل، وبالتالي يمكن له أن يعود إلى الأعلى ويراجع التغريدات السابقة في السلسلة. ويمكن استخدام هذه الخاصية في مجال المراجعة والتذكير والذي هو أمر مهم في العملية التعليمية.

ملاحظة: طريقة إضافة تغريدة جديدة لسلسلة قديمة تتم عبر إضافة (رد) على آخر تغريدة من السلسلة القديمة، أو فتح السلسلة والنزول إلى الأسفل ثم النقر على أيقونة (إضافة تغريدة جديدة).

تنظيم المحتوى عبر “اللحظات”

تم إتاحة خاصية “اللحظات” لعموم المستخدمين في سبتمبر 2016، يمكن أن تتعرف أكثر على هذه الخاصية عبر صفحة التعليمات الرسمية، وبالمختصر؛ هي خاصية تسمح لك بتجميع عدد من التغريدات المنشورة سواءً من حسابك أو من حسابات أخرى، وتضعها في صفحة واحدة، ولا أحد يمكنه الإضافة أو التعديل غيرك (شاهد مثالاً على ذلك)، لكن كيف يمكن لهذه الخاصية أن تُستَخدم في عملية التنظيم والترتيب ؟

ذكرنا سابقاً خاصية “التغريدات المتسلسلة”، لكن ماذا لو أن السلسلة لوحدها لا تكفي، ماذا لو أنك تريد أن تصنع سلسلة مكونة من سلاسل أخرى، حينها عليك باستخدام خاصية “اللحظات”.

سأوضح لك الفكرة عبر مثال واقعي، فمثلاً هذه السلسلة من التغريدات تضم درس من دروس اللغة الإنجليزية والذي يعتمد على محاضرات “تيد”، كل تغريدة تحتوي على جملة إنجليزية وترجمة بعض الكلمات، والسلسلة بالكامل تغطي أهم الكلمات والجمل الموجودة في تلك المحاضرة، وهذه السلسلة من التغريدات تضم الدرس الثاني من هذه الدروس، وقد تم صنع “لحظة” تضم كلا الدرسين في صفحة واحدة، حيث تحتوي “اللحظة” على أول تغريدة من كل سلسلة، وعند النقر على تلك التغريدة ستنفتح السلسلة بالكامل والتي تضم الدرس من أوله حتى آخره.

طبيعة المحتوى التعليمي أنه متسلسل، يحتوي على سلاسل من الدروس (كورسات أودورات)، وهنا يمكن الاستفادة من خاصية “اللحظات” على النحو التالي:

  • كل تغريدة تضم جزء صغير من الدرس.
  • كل سلسلة من التغريدات تضم الدرس بالكامل
  • كل “لحظة” تضم عدد من الدروس وتشكل الكورس بالكامل.

وتتميز خاصية اللحظات بأن لها تبويباً منفصلاً يمكن الوصول إليه من الأعلى، وكذلك يمكن ترتيب المحتوى داخل كل لحظة بطريقة سلسلة، وبالتالي يمكن أن يعتمد الترتيب على التسلسل المنطقي للدورة أو الكورس وليس حسب تاريخ النشر كما يحدث في الواجهة الرئيسية، ويمكن تحديث اللحظات فيما بعد وإضافة أو حذف أي محتوى منها، وبشكل عام فإن هذه الخاصية تشبه خاصية “قوائم التشغيل” في يوتيوب.

إنعاش المحتوى في تويتر

من سلبيات الشبكات الاجتماعية، مشكلة :موت المحتوى، حيث تعتمد تلك المنصات على الطريقة التراكمية (العمودية)، ما يأتي آخراً يظهر أولاً، وكلما نشرت من محتوىً جديد، ضاع القديم وأصبح من الصعب الوصول إليه، وهذا النموذج مقبول فيما يخص المحتوى الإخباري، فالأخبار القديمة تصبح بدون فائدة، لكن الأمر مختلف فيما يخص المحتوى التعليمي.

المحتوى التعليمي ليس له تاريخ صلاحية أو انتهاء، هو مفيد في كل الأوقات، ومن يأتي متأخراً يريد الاستفادة من الدروس الأولى أو يتابع السلسلة من أولها، وقد يكون من الصعب على المستخدم الوصول للمحتوى القديم بسبب تراكم المحتوى الجديد فوق بعضه، لكن هنالك بعض الحلول لهذه المشكلة.

الحل الأول هو في استخدام خاصية “اللحظات” كما ذكرنا، حيث أن لها صفحة مستقلة ومنفصلة، يمكن استخدام تلك الصفحة كأرشيف للمحتوى التعليمي كما تم التوضح سابقاً.

حل آخر يتمثل في استخدام خاصية “إعادة التغريد“، ورغم أن الاستخدام الرئيسي لهذه الخاصية يتمثل في نشر تغريدات الغير بإعادة نشرها في حساب الشخص نفسه، إلا أنه يمكن استخدامها لإعادة إحياء المحتوى القديم، أما فيما يخص المحتوى التعليمي: يمكن أن تمرر الشريط أسفلاً حتى تصل لتغريدة قديمة هي الأولى في السلسلة، ثم تعيد تغريدها، فتعيد إحياء درس قديم وتساهم في تعريف المشتركين الجُدد به.

أيضاً يمكن استخدام خاصية “تثبيت التغريدات“، وهي خاصية تُستَعمل أساساً لتسليط الضوء على محتوىً معين ليكون مثبتاً أعلى صفحة التغريدات، يمكن أن تكون تلك التغريدة بمثابة الفهرس الذي يوصل الزائر أو المشترك الجديد لجميع الدروس والكورسات، صحيح أن تغريدة واحدة لن تكفي لتضم جميع الروابط، لكن يمكن أن تكون تلك التغريدة هي سلسلة لعدة تغريدات لتشكل بذلك الفهرس العام لمحتوى الحساب، وحينها سيكون من المفيد أن تطلب من المستخدم أن “ينقر” على التغريدة حتى تظهر له بقية أجزاء السلسلة ويتمكن من الوصول لأي محتوىً تعليمي تم نشره في السابق.

ختاماً …

رغم ما تقدمه فيسبوك من أدوات احترافية تسهل عملية النشر، إلا أن تويتر يُعتَبر مكان أفضل لنشر المحتوى التعليمي الخفيف، بسبب ما ذكرناه سابقاً وبسبب أن قابلية الانتشار في الشبكة أفضل مما هو عليه الحال في فيسبوك، حيث يمكن لصاحب الحساب أن يتفاعل مع الحسابات الأخرى المتخصصة في نفس المجال، والتعليق على تغريداتهم والاشتراك في نقاشاتهم، لتكون تلك طريقة جيدة لإشهار الحساب وتعريف الناس به.

لمتابعة مقالات هذه السلسلة: انقر هنا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى