التقاريرمقالات

“كثافة الطاقة”: تعرف على الكلمة التي تحمل معها كل ما يتعلق بمُستقبل المُنتجات الكهربائية في العالم!

هل فكرت يوماً لماذا لم نرى الى الآن طائرة تعمل بالطاقة الكهربائية ؟ أو لماذا احتاج العالم إلى كل تلك السنوات ليُقدم لنا سيارة كهربائية حقيقية يُمكنك أن تشتريها و تستخدمها بالفعل، مثل سيارات “تسلا” على سبيل المثال! هل تسائلت لماذا؟ بعد كل هذة السنوات من تطوير هواتف ذكية ثورية، لم نحصل بعد على هاتف ذكي يستطيع العمل لأكثر من يوم، أو يومين على أقصى تقدير؟

لا شك في أن الأجهزة و التقنيات التي تعمل بالطاقة الكهربائية والطاقة النظيفة قد شهدت طفرة هائلة خلال الأعوام القليلة الماضية، مع زيادة زمن التشغيل الذي يمكن الحصول عليه مع الحاسبات المحمولة النحيفة، وظهور السيارات الكهربائية، وغيرها من المنتجات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُختزنة. إلا أن العقبة الأساسية التي تقف عائقا أمام مزيد التطور في هذا المجال، وتحرمنا من تحقيق طموحات ربما تبدو منطقية للغاية بالتناسب مع ما حققته التقنية من طفرات الى اليوم، ربما تكمن في كلمة واحدة؛ “كثافة الطاقة”.

بطاريات الليثيوم: الصديق الوفي للأجهزة الإلكترونية على مدار عقود من الزمان

دعونا أولاً نُلقي نظرة سريعة على خلية الطاقة التي تُزود ملايين من الأجهزة حولنا بالطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيلها. لقد أثبتت بطاريات الليثيوم أيون Lithium-ion كونها الصديق الوفي لهذا الجيل منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، حيث تدخل تلك البطاريات بنفس تقنيتها في صناعة كافة أشكال الأجهزة و المنتجات من حولنا. ببساطة مُتناهية، تعتمد خلايا بطاريات الليثيوم – كما توحي تسميتها – على حركة أيونات الليثيوم بداخل البطارية وتتحكم شرائح إلكترونية في شحن تلك البطاريات وفي حركة أيونات الليثيوم بداخلها.

تمتاز بطاريات الليثيوم بعدة مزايا ساهمت في إنتشارها الواسع على مدار العقود الماضية من بينها:

  • الأمان: بالرغم من تلك الحوادث العديدة التي سمعت عنها بكل تأكيد والتي إنفجرت فيها بطاريات الليثيوم بداخل الهواتف المحمولة، إلا أن تلك التقنية لا تزال تُعد إجمالا آمنة نظرا لكوم الليثيوم بحد ذاته أقل ضرراً وسُمية للبيئة والأفراد مُقارنة بغيره من المعادن التي دخلت في صناعة البطاريات
  • خفة الوزن: ربما يكون هذا واحداً من أهم الأسباب المُتعلقة بإنتشار بطاريات الليثيوم، حيث تمتاز بخفة الوزن ما يجعل تقديم مُنتجات نحيفة وخفيفة مُمكناً.
  • غياب تأثير الذاكرة: أو ما يُعرف بـ”memory effect”، حيث تُعد بطاريات الليثيوم أقل تأثراً بدورات الشحن والتفريغ الغير مُكتملة والتي كانت تملك تأثيراً مُدمراً على عمر البطاريات من الأجيال السابقة.

“كثافة الطاقة”: التحدي القادم

تُعرف كثافة الطاقة بأنها كمية الطاقة المُختزنة في نظام ما لكل وحدة من وحدات الحجم من هذا النظام. بكلمات أقل تعقيداً، تُعبر كثافة الطاقة عن كمية الطاقة الممكن إختزانها في البطارية نفسها دون أن يزيد حجم البطارية أو وزنها.

تُمثل كثافة الطاقة للبطاريات، نظرياً للتبسيط، العائق الفعلي أمام تحويل كل شئ متحرك أو محمول من حولك الى العمل بالطاقة الكهربائية. ويجعل التوازن بين الطاقة المطلوبة وكثافة الطاقة المُختزنة الأمر صعبا أمام الكثير من تطلعات التقنية للمُستقبل.

على سبيل المثال، إذا ما تم إستخدام نفس البطارية التي تستخدمها سيارة”تسلا” للتنقل لمسافة تصل الى 300 ميل لتحريك طائرة صغيرة تتسع لفردين فقط فإنها لن تكفي لتحليق الطائرة لأكثر من عدة أميال.

وبالرغم مما حققته من شعبية جارفة، وفي حين تُمثل بالفعل حالياً أفضل المُتاح أمامنا في هذا الوقت، إلا أن بطاريات الليثيوم تبقى ضعيفة للغاية فيما يتعلق بمفهوم كثافة الطاقة. إذا ما أضفنا أنواع الوقود إلى المُقارنة، فإن العناصر المُشعة مثل اليورانيوم تستطيع إختزان الطاقة مليون و نصف المليون مرة أكثر من بطاريات الليثيوم لنفس المساحة، أم الوقود التقليدي للسيارات فيختزن طاقة أكثر بـ34 مرة من تلك التي تختزنها البطاريات لنفس المساحة.

بطاريات المُستقبل: أكثر كثافة، أكثر أمناً

ربما من غير الوارد تطوير بطاريات تستخدم الوقود، حيث تنتفي المنفعة المطلوبة منها بالأساس، إلا أن العالم يتجه بالفعل الى تطوير بطاريات تستخدم نفس التقنيات الحالية ولكنها أكثر كفاءة وأكثر كثافة من حيث الطاقة التي تستطيع إختزانها. وتُشير البيانات المُتوفرة بالفعل الى أن كثافة الطاقة في البطاريات الجديدة التي يتم طرحها في الأسواق تتزايد بنسبة تتراوح بين 6-8 % في كل عام عن العام السابق له على مدار العقدين الماضيين.

تعمل في الوقت الحالي أكثر من عشرين شركة مختلفة، من بينها “بوينج – Boeing”، “إير باص-Airbus” و”أوبر” على تطوير تقنيات تتعلق بإستخدام الطاقة الكهربائية في الطيران على مُستويات مُختلفة. بشكل عام، يُمكننا القول بأن بطاريات أكثر كثافة، وأكثر أمناً هي في الطريق في المُستقبل القريب بكل تأكيد، وعندها لن يتعلق الأمر بالطيران فحسب، ولكن ربما سيتحقق أخيراً حُلم الهاتف الذكي الذي يستطيع العمل لأسبوع مُتواصل.

زر الذهاب إلى الأعلى