مقالات

هل تشُك بأن هاتفك الذكي يتنصت عليك دون علمك ؟ .. نعم، أنت على حق!

كم مرة تفاجأت بمُحتوى إعلاني يُهاجمك عبر صفحات الإنترنت، أو أثناء إستخدام الإنترنت والتطبيقات على هاتفك المحمول، وتعجبت من مُحتوى تلك الإعلانات التي بدأت وكأنها تعرف بالضبط ما كنت تُفكر به أو تتحدث عنه مُنذ لحظات؟! لا تقلق، لن تحتاج بعد اليوم الى التشكك في كون أدواتك وأجهزتك الإلكترونية تتنصت الى كلماتك وأفعالك، فأنا على وشك أن أُخبرك بأن هذا بالفعل صحيح، أو على الأقل جزئيا صحيح بطريقة أو بأُخرى.

مزيد من معلوماتك الشخصية .. مزيد من الإعلانات الذكية

دعونا نتفق بداية على أن هذا العصر الذي نعيش فيه هو العصر الذهبي للإعلانات والترويج عالي الخصوصية، والذي يعتمد على إستهداف المُستخدم بالضبط بالطريقة الأقرب الى نفسيته، والتي تُحقق للمُعلن أفضل نتائج مُمكنة مُتمثلة في أعلى نسبة من المبيعات في أوساط من يُشاهدون أو يستمعون الى إعلاناته.

لابد أن تُدرك أن إعلانات اليوم هي الأذكى والأكثر تخصيصا من أي عصر مضى، وأن السبب الرئيس لذلك يرجع – دون أدنى شك – الى الزيادة الهائلة في حجم المعلومات التي باتت مُتاحة عنك – كمُستخدم – أمام المُعلنين ووُسطائهم، والتي يستغلونها في معرفة ميولك الشخصية وما تُريد أن تشتريه ليُقدمونه إليك مُباشرة أمام عينيك.

بعد أن أرسينا تلك القواعد، أصبحت القضية مثار الجدل اليوم هي الكيفية التي يحصل بها المُعلنون، ووُسطائهم، على تلك المعلومات عنك وعما تُحب. لطالما أنكرت الشركات الكُبرى إدعاءات وإتهامات عديدة بالتجسس على المُستخدمين، وبيع معلوماتهم الشخصية للمُعلنين، شملت القائمة تنصُل “جوجل” من مُتابعة المواقع التي يتردد عليها المُستخدمين ومُشاركة ذلك مع المُعلنين، وإنكار “أبل”، “ميكروسوفت” وغيرهم لإتهامات مُماثلة، ومُؤخرا إصرار “فيس بوك” على برائته من التهمة الأكثر شهرة بالإستماع الى أحاديث مُستخدمي تطبيقه على الهواتف الذكية.

في حين تمتلك الشركات الكُبرى، مثل “أبل” و”جوجل” و”فيس بوك” القدر الأكبر من المعلومات عن المُستخدمين، إلا أنه رُبما تحظى تلك الشركات بقدر كبير من الرقابة الجماهيرية عليها، نظرا لشهرتها الطاغية، ما قد يُحجم من قدرتها على إستغلال تلك البيانات بطريقة تنتهك خصوصية المُستخدمين بشكل مُباشر، إلا أن شركات أُخرى أصغر حجما وأقل شهرة رُبما تمتلك حُرية أكبر للإستفادة بتلك البيانات وجمعها.

نعم، نحن نستمع إليك!

وفقا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” منذ عدة أيام، فإن شركة تُسمى “ألفونسو – Alphonso” تعمل في مجال مُساعدة الشركات على توجيه إعلاناتها على التليفزيون بطريقة أفضل، طورت إضافة تُستخدم بالفعل في أكثر من ٢٥٠ لعبة إلكترونية مُتوفرة عبر متجر تطبيقات “جوجل بلاي” و “أبل ستور” وتقوم بالتنصت الى أصوات إعلانات التليفزيون من خلال الميكروفون الخاص بالهاتف في مُحيط الهاتف الذكي أثناء تعامل المُستخدم مع التطبيق أو اللعبة.

بمزيد من التقصي للمعلومات التي تُقدمها الشركة نفسها من خلال موقعها الإلكتروني، تتحدث الشركة عن تطويرها لما تُسميه بـ”سحابة معلومات التلفاز” وتُفيد بأن تلك السحابة يتم تحديثها لحظيا من خلال بيانات يتم جمعها لحظيا من أكثر من ٤٠ مليون جهاز ذكي، “دون الكشف عن هوية مُستخدمي الاجهزة مُطلقا”.

المثير في الأمر، أنه لا تُعد تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن شئ مماثل، ففي شهر مارس من العام الماضي، ٢٠١٧، وجهت هيئة التجارة الفيدرالية الأمريكية تحذيرا الى ١٢ من مطوري تطبيقات الهواتف المحمولة نظرا لإستخدامهم لخدمة تحمل إسم “SilverPush” بداخل تطبيقاتهم. وتعمل تلك الإضافة في الخلفية على الإستماع الى المُحتوى ذاته الخاص بإعلانات التليفزيون دون إخبار المُستخدمين بذلك.

أنت من تتحكم ببياناتك!

لا شك لدي في أن تلك الظاهرة لن تنحسر، ولكنها على العكس ستتجه نحو مزيد من التوسع والإنتشار، بل رُبما إدراكنا لها وتفاعُلنا مع تلك الأنباء هو ما سيتغير تجاه مزيد من التقبل أو الإنفتاح على حقيقة أن الكثير مما كنت تعتبره من قبل معلومات وبيانات شخصية عالية الخصوصية رُبما لم يعد كذلك في العصر الحالي.

بشكل شخصي، لا أظنني أشعر بالراحة تجاه بيع بياناتي الخاصة للمُعلنين، ولكنني في الوقت ذاته لست مهووسا بالخصوصية الى المدى الذي بات يدفع البعض الى العزلة عن العالم الإجتماعي الرقمي. في الوقت الحالي، أظن أنك لاتزال تمتلك الخيار الى أي مدى ترغب بجعل بياناتك ومعلوماتك الخاصة مُتاحة للسحابة الإلكترونية، رُبما ليس لديك الخيار في إنتقاء المعلومات المُتاحة عنك بدقة تامة، ولكن كن دائما على يقين أنه كُلما إخترت بمحض إرادتك التسجيل بالمزيد من الخدمات الرقمية الإجتماعية، وكُلما إخترت إستخدام المزيد من الأجهزة الإلكترونية وأجهزة إنترنت الأشياء، فأنت بطريقة أو بأُخرى تميل الى الإنفتاح على هذا العالم الإلكتروني وتُعطيه المزيد من المعلومات والبيانات الخاصة بك في مُقابل مزيد من الراحة. فقط تأكد ألا تتجاوز المدى الذي تشعر معه بالراحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى