مقالات

‏الشبكات الاجتماعية والخصوصية.. والبشميل!

unnamed
انفتح العالم العربي -بشكل خاص- على شبكات التواصل الاجتماعي، وخلّف ذلك تقاطعا اجتماعيا كبيرا في الأسر والمجتمعات.
‏شبكات التواصل والإعلام الرقمي والاجتماعي، هي نعمة حقيقية في تقريب كل بعيد وتسهيل كل صعب، حتى أخوك المبتعث الذي يبعد عنك آلاف الكيلومترات والذي كنتم سابقا تتجمعون بوقت واحد ومكان واحد لتتكلموا معه بعض الدقائق وكلّ واحد يسحب سماعة الهاتف من الاخر ليطمئن عليه..! أصبح الحديث معه الآن أسهل من الحديث مع جارك الذي يلاصقك.
‏هذا الشَّرَه الكبير على شبكات التواصل، وخصوصا النساء والبنات، وهذه الغيرة من التسجيل والمشاركة بكل شبكة جديدة، والتفاعل معها بغير عقل أو تفكير، هي أكبر انتهاك للخصوصيات والحرمات.
‏لم يعد بيننا بيت لا نعلم خصوصيته، أصبحنا نعرف كل شيء عنه، عدد أفراد الأسرة البنات والأولاد، عدد أعمارهم، ماذا يدرسون، ماذا يأكلون، أين يسافرون، من جاءهم، وإلى أين ذهبوا، حتى اسم العاملة وبلدها..!
‏هذا الخرق الكبير الاجتماعي والأخلاقي، وانتهاك الخصوصية والحرمات سبّب الكثير من الخلافات العائلية والمشاكل الزوجية، والقطيعة.
‏ليس شرطا أن يعرف الشرق الأوسط كله وشمال أفريقيا أيضا أنكِ اليوم طبختِ “بشميل”، ولا يهمنا أن نعرف ماذا أهدى لك زوجك ولا ماذا قال لك من الكلام الجميل والعبارات المرموقة..!
‏لا يهمنا نحن أن تصوري لنا أكياس الشيبس والحلويات التي تتناولينها مع صديقاتك كل يوم.. ولا أين تجلسون ولا ماذا تلبسون..
‏هذا عدا عن كونه فضيحة أخلاقية واجتماعية وشرعية..!
‏الناس لن تتوقف حياتهم عندك، ولن تتعطل مصالحهم على سلفي ستأخذه، وأنت أيضا لن يذهب عمرك سدى إذا لم توثق هذه اللحظة التاريخية التي تجلسونها يوميا..
‏هذا عدا عن تصوير ومشاركة التصرفات الماجنة من رقص للشباب أو البنات أو خلع الثياب في الشوارع وغيرها..
‏وكل امرأة تغار من صديقتها، وكل شاب يغار من صديقه، ولا يوجد عاقل بينهم يعي أن هذا اختراق للخصوصية وانتهاك لحرمة البيوت المستورة..
‏واجب أن يكون هناك مساحة واسعة للخصوصية والستر في البيوت والعلاقات..
‏وأيضا مهم في بعض الأحيان أن يكون لك حضورا في شبكات التواصل، ولكن الأهم أن تعرف كيف تديرها وتضبطها حتى لا تصل إلى مرحلة خطيرة من هذا الاستخدام الجائر.
‏الشباب والبنات الذين يرون المشاركة لازما اجتماعيا، بحيث أنه إذا لم يكن لديك سناب شات أو تويتر فأنت تعيش في أزمان سحيقة، وإذا لم تكن مشاركا فيها فأنت متخلف شيئا ما.!
‏هذا الكلام خاطئ تماما، المشاركة الخاطئة والاستخدام السيئ يورث عواقبا كبيرة عليك اجتماعيا وعائليا..
‏كن متحليا بالإنصاف والاتزان، لا يطغى عندك حماس على حماس، ولا تنفلت معك الأمور بشكل خاطئ..
‏البنات اللواتي يتصنعن “التميلح” على شبكات التواصل من أجل زيادة المتابعين، لتقول أخرى لصاحبتها أنا أكثر متابعة منك، أو لتبيع من خلاله دعاية وريتويت، هذا حقيقة هو بيع الشرف والحياء من أجل أرقاما وهمية لا قيمة لها، ومن أجل اكتساب بعض المال، ومن يرضى أن يكون حياؤه وشرفه هو السلعة من أجل المال أو الشهرة..؟!
‏الشبكات الاجتماعية كل يوم في ازدياد وانفتاح، ونحن لن نستطيع أن نلحق بها كلها إلا في التخلي عن كثير من الأدب والذوقيات والأخلاقيات.. لذلك من البداية نحن لسنا بحاجة إلى التخلي عن كل ذلك لأجل منصات رقمية لا قيمة لها أمام أخلاقنا وبيوتنا وديننا..
– جعفر الوردي
اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى