مقالات

إياك أن تقرأ هذا المقال!

توقف عن قراءة المقال

حسنًا، هذه المرة الثانية التي أكتب فيها عنوانًا أقصد به الحصول على مزيد من الزيارات! – شاهد من هنا متى كانت المرة الأولى – والسبب هذه المرة أن أضع خطوطًا عريضة تحت مشكلة حقيقية مؤلمة نعاني منها في العالم العربي، ألا وهي: العناوين المثيرة للفضول!

تحذير: ولأنه قد طفح الكيل؛ أرجو أن تتحمَّلُوا معي أي عبارة “قد” لا تروق لكم!

لا يزال هناك من يلعب على وتيرة العنوانٍ الجذَّاب، على غرار عنوان هذا المقال، وعناوين أخرى مثل “743256876234 حقيقة مذهلة عن كوالالمبور“، و”لن تصدق ما جرى لفلان الفلاني بعدما أكل ذراع عِلَّان العِلَّاني“، و”شاهد بالفيديو ما الذي فعله الفيل عندما ركب على ظهر النعامة“، الخ.

ربما يعتقد البعض من خلال العناوين السابقة أنني أسخر من الواقع، لكني – يقينًا – أعلم بأن هناك عناوين هي أكثر بشاعة مما ذكرت.

والجميع يعرف ما سأقوله الآن: 98% – إن لم يكن 99%! – من ذلك المحتوى – نصي/مرئي – الذي يحمل تلك العناوين هو فاشل، ومُزري، وفيه ركاكة صارخة. طيب، إن كنا نعلم ذلك جيدًا، لماذا لم يتنه أمر هؤلاء سريعًا؟ السبب باختصار هو: الفضول من العالم والجاهل على الشبكة.

بالنسبة لي، إن وقعت في تلك الزلة، لا بأس عندي بالمرة في أن أبصق على الشاشة مرَّات ومرات بسبب ما أجده بذلك المحتوى. لكن ماذا عن الآخرين؟

للأسف، تكمن المشكلة الحقيقية في هؤلاء، لأنهم يُشاركون هذا المحتوى على الشبكات الاجتماعية لمجرد العنوان الجذاب، حتى من دون فتح الرابط أو قراءته/مشاهدته.

لماذا لا يقرأ هؤلاء؟

وما علاج تلك المشكلة؟

وكيف يمكننا أن نحدَّ منها؟

إجابتي على الأسئلة الثلاثة: حقًّا، لا أدري!!! لكن لدي طريقة شخصية في معالجة ذلك – وهي بالمُناسبة غير مُجدية، لكنها أفضل من لا شيء – سأذكرها في نهاية المقال.

طالما نعلم سبب الداء، ومع ذلك نكرر الأمر؛ فهذا يعني أنه هذا المرض متفشِّي بداخلنا متملِّكًا مِنَّا، لأن الإنترنت هي بيئة تحتضن الفضول ويترعرع فيها، فضلًا عن مرض الفومو FOMO الذي أصابنا – إلا من رحم ربي – بعد انتشار الشبكات الاجتماعية والأجهزة المحمولة بين أيدينا.

وبعدما كان الأمر يقتصر على أن أُمَّة “إقرأ” لا “تقرأ” – إلا من رحم ربي -، أصبحت أيضًا تنشر الجهل والتفاهات على الأوساط الاجتماعية. وهذا الذي يتاجر بتلك السلعة الرخيصة على دراية بأن النفس تتوق إلى كل ما هو شاذ، والممنوع مرغوب.

تأتون في النهاية وتتباكون على قلة المحتوى العربي؟! مما يضحكني كثيرًا أن من يكتب هذه العناوين يكتب هذا الشعار الذي نسمع دندنته منذ فترة لا بأس بها، وأن موقعه ما هو إلا “.. لإثراء المحتوى العربي”!!.

القص واللصق أيضًا، هو الداء العضال للمحتوى العربي. وعلاقته بمشكلة العناوين الجذابة أن من ينسخ ويلصق صار يتفنَّن هو الآخر بتغيير العنوان ليصبح أكثر فضولًا وجاذبية، أي من سيئ إلى أسوأ. والمشكلة أن هناك بعض الدول العربية المحددة اشتهرت بأن معظم روّادها على الإنترنت هم أهل تلك الصنعة!

ربما تظل هناك ابتسامة تلوح على وجهي كلما رأيت مقالًا يحمل بين طياته فائدة للمبتدئ أو للمُتَقَدِّم على حدٍّ سواء. لكنها لا تدوم طويلًا في ظل طامّات المحتوى العربي التي لا أدري عما هية المعجزة التي ستمحيها من جذورها.

ما أطبقه لعلاج ذلك هو حظر أي شخص يقوم بنشر/مُشاركة مقالات من هذا القبيل! وكذلك حظر صفحات تلك المواقع على الشبكات الاجتماعية، حتى وإن لم أشترك بها. لكن هل يُعَدُّ ذلك مُجْدِيًا؟ بالطبع لا.

لا يزال هناك من لا يقرأ وينشر ذلك المحتوى “التخريبي” وكأنه أعمى، وهم أكثر بكثير مما نتوقع. على كل حال، إن كان لديك حلًّا حقيقيًا لعلاج هذه المشكلة المُتَفَشِّيَة؛ نرجو أن تذكرها في التعليقات؛ لعلك تأتي بفكرة تنقذ المحتوى العربي بحق!


الوسوم