مقالات

قيود آبل المُجحفة على نظام iOS، تحكّم زائد أم حرّية مُطلقة؟

آبل

بعد مرور 8 سنوات تقريبًا على صدور نظامي iOS من آبل وأندرويد من جوجل، تبقى النقاشات حول أحقيّة أحدهما بلقب الأفضل مفتوحة، وحتى بعد مرور 10 سنوات أُخرى، سيبقى المُستخدمون مُنقسمين دون حسم هذا النقاش تمامًا مثلما هو الحال بين مُستخدمي ويندوز، ماك أو لينكس.

مازلت أذكر الحوار الذي دار بيني وبين أحد أصدقائي بعد إطلاق آبل لحاسبها اللوحي آيباد لأول مرّة عام 2010، فبعد النجاح الكبير لأجهزة آيفون، توقع الكثيرون أن الحاسب اللوحي سيشُكل ثورة في عالم الحواسب اللوحية، وهو ما قام به بالفعل، لكن الميّزات التي كانت تنقصه حوّلته من حاسب لوحي إلى لوحة إلكترونية فقط من وجهة نظر الكثيرين.

لا أُخفي أبدًا عشقي ( وليس تعصّبي ) لمنتجات آبل، لكن آيباد من وجهة نظر المُستخدم النهائي تنقصه الكثير من الميّزات التي لا تجعله الحاسب الأمثل للاستخدام، والتي بدأ حواري أنا وصديقي بسؤال يُناقش عدم وجود منافذ “يو إس بي” لوصل ذاكرة تخزين خارجية أو حتى منفذ لاستخدام بطاقة ذاكرة ليجد المُستخدم نفسه بحاجة إلى حاسب محمول أو مكتبي بشكل دائم لإتمام مهامه.

في ذلك الوقت لم يكن مفهوم الحوسبة السحابية مُنتشرًا بقوة، لكن إجابتي كانت بالإشارة إلى هذا المفهوم. أخبرت صديقي حينها أن هذا القيد سببه تفكير آبل بالحوسبة السحابية التي ستكون الأولوية بالنسبة لنا كمُستخدمين في أوقات لاحقة، لذا تعمل آبل على التمهيد شيئًا فشيئًا لهذا المفهوم.

إضافة إلى ذلك، تُعني آبل موضوع الحماية والأمان أولوية كبيرة، فالسماح بوصل ذاكرة تخزين خارجية دون وجود برنامج آيتونز سوف يؤدي إلى مشاكل أمنية كبيرة وفيروسات تجعل تجربة الاستخدام سيئة جدًا، لذا تعمل آبل بشكل دائم على الحد من تبادل البيانات العشوائي داخل أجهزتها الذكية لرفع مستوى الحماية.

وبعيدًا عن تعليلي كمُستخدم بريء لهذا النقص، يلوح في الأفق متجري آيتونز وآب ستور، فالشركة تُعوّل على الكثير من الأرباح عليهما، ولا يُمكن إنكار الأرقام التي تستعرضها آبل في بدء أي مؤتمر حول عدد عمليات الشراء التي تمت والأرباح التي أُرسلت للمُبرمجين.

وبترك فكرة نقل البيانات دون حاسب، نجد أن ما ينقص نظام iOS الذي تعمل به أجهزة آبل الذكية مثل آيفون، آيباد، آيبود بالإضافة إلى جهاز آبل “تي في” TV ليست مُجرد إمكانية نقل البيانات باستخدام ذواكر تخزين خارجية.

فالنظام لم يسمح بتثبيت لوحات مفاتيح خارجية، مُربعات ويدجيت Widgets أو حتى تحميل ملفات من الإنترنت وتثبيت تطبيقات من خارج المتجر، وهي ميّزات جوهرية يتفوق نظامي أندرويد وويندوز فون فيها.

انتظر المُستخدم 8 إصدارات مُختلفة من نظام آي أو إس ليتمكن فيما بعد من تثبيت لوحات مفاتيح ومُربّعات ويدجيت خارجية وهو تغيير في سياسة الشركة بالتأكيد وليس نقصًا في خبرة مُبرمجيها، لكن ما هو السبب الذي يؤخّر آبل في تبنّي تقنيات أو أفكار جديدة على عكس مُنافسيها؟

تقوم سياسة آبل – من وجهة نظر شخصية –  على الانتظار والتجربة كثيرًا ومن ثم إطلاق الميّزة، ولا تُعتبر من عشاق الاندفاع الأعمى نحو توفير الكثير من الميّزات التي قد تفشل بعد مرور عام أو لا تلقى الرواج المتوقع لها.

لنأخذ ميّزة الاتصالات قريبة المدة NFC التي تسمح بنقل البيانات بين الأجهزة والموجودة في هواتف أندرويد. قاومت آبل تضمين هذه الميّزة داخل أجهزتها لفترة طويلة، ليس انطلاقًا من منع مُشاركة الملفات بين المُستخدمين، فميّزة AirDrop موجودة بالفعل في حواسبها وأجهزتها الذكية لكنها لم تستخدم NFC إلا بعد الإعلان عن ميّزة Apple Pay للدفع الإلكتروني.

وجدت آبل الحاجة لوجود هذه التقنية التي أثبتت فعاليتها في هذا النوع من العمليات خصوصًا أن مستوى حمايتها أعلى إذا ما قورن بتقنيتي بلوتوث أو واي-فاي، لذا احتوت أجهزة آيفون 6 و6 بلس عليها.

كذلك هو الأمر في لوحات المفاتيح الخارجية، فبإلقاء نظرة برمجية على طريقة عمل هذه اللوحات، عملت آبل على تغليف كل لوحة في صندوق خاص بها – تمامًا مثلما هو الحال في بقية التطبيقات – وبالتالي لن تستطيع هذه اللوحات الوصول إلى بيانات المُستخدم أو تخزينها ومُشاركتها إلا لو منح المُستخدم الصلاحيات الكاملة لها.

وما لوحات المفاتيح، نقل الملفات دون قيود أو تقنية NFC إلا أمثلة بسيطة وملموسة على سياسة آبل المُتبعة في نظام آي أو إس التي يجدها البعض مُجحفة.

آبل لا تندفع نحو توفير الكثير من الميّزات دون أن تتأكد من عملها بأفضل طريقة مُمكنة، فالتقنيات موجودة فعلًا في السوق، لكنها على عكس جوجل في نظام أندرويد، تنتظر كثيرًا وهو ما أبعد الكثيرين عن استخدام أجهزتها.

ومع اقتراب صدور النسخة 9 من هذا النظام نجد أن آبل أضافت تطبيق iCloud Drive الذي يسمح للمستخدم أخيرًا بالوصول إلى محتويات مساحته السحابية وفتح الملفات بكل سهولة، حيث يُمكن رفع أغنية، مقطع فيديو أو مُستند وفتحه على الهاتف أو الحاسب اللوحي دون قيود، وبالتالي انتظرنا 5 سنوات حتى نرى تقريبًا الشكل الأخير للحوسبة السحابية التي مهّدت لها آبل في الجيل الأول من آيباد.

من وجهة نظر تقنية، يُمكن تشبيه نظام آي أو إس بالطائرة التي يُمكنها الطيران ضمن حدود مُعيّنة لا يُمكن تجاوزها لأن ذلك سيؤدي حتمًا إلى انفجارها بسبب الكثير من العوامل، والتي لا نتعامل معها على أنها قيود من مُصنّعي الطائرات، بل نجدها تصب في مصلحة الأمان أولًا وأخيرًا.

كذلك هو الأمر في آي أو إس، يُمكنك التحليق ضمن حدود مُعيّنة، لكن أي شيء يفوق تلك الحدود، يعني الدخول في مجال الشك والنتائج الغير مضمونة، وهو ما تبتعد عنه آبل كل البعد لأن هدفها – في بعض المجالات على الأقل – أن تُقدم الأشياء ببساطة واحترافية وليس السعي نحو تصدّر قائمة الأوائل في التبنّي وترك التفكير في حالات الهلع التقني لوقت لاحق.

تعليق واحد

  1. ومين قلك ما فيك تحمّل من الانترنت؟ أنا على طول بحمل على الايفون والايباد من السفاري.
    بمجرّد الضغط على أي لينك تحميل، بتطلع صفحة جديدة فارغة، هاي الصفحة دلالة على بدء التحميل، انتظر حتى ينتهي ورح يطلع عندك خيار فتح الملف على التطبيق المناسب بناءً على امتداده (مثلاً ملف PDF بيعطيك iBooks، وأدوبي لو موجود أو غيرو من تطبيقاتك) بعد الفتح رح يحفظ الملف بالبرنامج اللي اخترتو، وعن طريق الايتونز بتقدر فيما بعد تنسخ الملف للكمبيوتر!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى