مقالات

تقنيات المستقبل (2)

 

تحدثنا في الجزء الأول عن ثلاثة تقنيات ستكون جزء أساسي من حياتنا اليومية في المستقبل. والبداية كانت مع الإنترنت المحمول من خلال الهواتف الذكية والحواسب اللوحية التي نمت مبيعاتها بشكل خيالي و أصبحت أكثر من مجرد طريقة جديدة لتصفح الإنترنت، وبعدها تطرقنا لأتمتة العمل المعرفي الذي يتطلب حكم وخبرة ومعرفة شخصية وكيف يمكن للآلات و النظم الحاسوبية أن تحل محل البشر في أداء هذه المهام، وختمنا مع إنترنت الأشياء أي استخدام الحساسات وغيرها لمراقبة أداء الأشياء من خلال الإنترنت.

DATAPRO cloud technology

4- تقنيات السحاب

وتعني الحوسبة السحابية إمكانية الوصول إلى مجموعة من الموارد الحاسوبية كالمعالجة والمخدمات و مساحات التخزين والتطبيقات عبر مختلف الأجهزة المتصلة بالإنترنت للإستفادة منها في تلبية الحاجات المختلفة.

وأصبحت الحوسبة السحابية شيء أساسي من شركات اليوم لما تقدمه من منافع لبساطتها و سرعتها و الكفاءة العالية التي تتصف بها. و وفرت هذه التقنية على الشركات إنفاق مبالغ طائلة لشراء التجهيزات والمخدمات و أقراص التخزين والنسخ الإحتياطي و رخص البرامج، واستعاضت عنها بالوصول إليها عبر الإنترنت لتواجدها على السحاب و الدفع مقابل الإستخدام فقط.

و من إيجابيات الحوسبة السحابية أيضاً علاوة على خفض التكاليف، إمكانية تقديم خدمات و تطبيقات إضافية و بشكل سريع عند الحاجة إليها من خلال إضافة المزيد من الحواسب و الموارد، وهذه المرونة لا تتاح عادة بهذه السهولة والسرعة في حال الإعتماد على التجهيزات الفيزيائية الحقيقية حيث تستغرق الكثير من الوقت للدخول في روتين تجهيز العروض و طلبات الأسعار والمفاضلة بنيها لشرائها وهو ما يكلف الشركة الكثير من الأموال التي قد لا تحتاج لهذه التجهيزات بشكل دائم.

وأصبحت الشركات تفكر أكثر من الإنتقال عند بيع منتجاتها إلى تقديمها كخدمات سحابية، وهذا ما فعلته مايكروسوفت و أدوبي في تطبيقاتها المكتبية و الفوتوشوب، فبدلاً من بيع البرنامج بمبلغ كبير و إتاحة الفرصة للقرصنة، تقدمها الشركات كخدمات سحابية ويتم الدفع لقاء إشتراك شهري أو سنوي.

ويمكن لشركات تأجير الأفلام الإستفادة من السحاب عبر تقديم الأفلام بإشتراكات بسيطة من خلال الإنترنت بدلاً من تأجير قرص DVD حقيقي. وبالتالي بدلاً من الإكتفاء بسوق محلي صغير محدود بالمدينة التي تقع فيها الشركة، يمكنها الوصول للزبائن في مختلف أنحاء العالم.

asimo-honda-robot

5 – تقنيات الرجل الآلي المتقدمة

كان إستخدام الرجل الآلي ( الروبوت ) في الفترة السابقة يقتصر على القطاع الصناعي بشكل خاص ولاسيما في المهام التي تتطلب دقة عالية أو فيها خطورة كبيرة على العنصر البشري مثل أعمال لحام الشرائح الإلكترونية أو التعامل مع مواد مشعة وغيرها، لكن مؤخراً بدأ إستخدام الروبوت يدخل قطاعات جديدة كالعمليات الجراحية. إن تطور الذكاء الصناعي و الحساسات والمحركات و ميكانيك الروبوت يسمح لنا بإستخدامه في تنفيذ مهام لم نكن نتخيلها، ومن غير المفاجئ أن الروبوت يمكنه تنفيذها بشكل أفضل من الإنسان.

ويمكن للشركات التي ستستخدم الروبوت قبل المنافسين الحصول على مزايا تنافسية في الجودة العالية و الخفض في التكاليف وسرعة الإنتاج. لكن مع دخول الروبوت في أعمال كثيرة يؤدي ذلك بالضرورة إلى إزالة معوقات دخول منافسين جدد لأي صناعة. وبنفس الوقت يفتح هذا التطور المجال لشركات جديدة متخصصة في تقنيات و صناعة و برمجة الروبوت وهو قطاع حيوي لم يكن موجوداً من قبل.

تخيل نفسك مديراً لمصنع في عام 2035، ويعمل في المصنع عدد قليل من الموظفين الخبراء الذين يشرفون على فريق كامل من آلاف الروبوت الذين يعملون على خط الإنتاج ويقدمون التقارير لمدرائهم البشر على مدار الساعة و طوال السنة. هذا ما قد تعتبره من الخيال العلمي لكنه ممكن وقد يكون أسرع مما تتوقع.

وعند إجراء أي تعديلات على المنتج، يمكن للمشرفين إدخال التعديلات إلى الروبوت لاسلكياً عبر نظام خاص أو عبر شاشة لمسية موجودة فيه، بالتالي يفهم الروبوت هذه الأوامر ويعمل لتنفيذها، لأن البشر بارعون بالتفكير فلندع التصنيع للروبوت و لنفكر في كيفية تحسين الصناعة و رفع جودتها وخفض تكاليفها لتحسين الحياة.

هناك اليوم روبوت للأغراض العامة مثل Baxter والذي يكلف سعره 22 ألف دولار من تطوير شركة Rethink Robotics، لكن يمكن برمجة غيره لأغراض خاصة، وعلى الأغلب ستكون التكلفة مجدية اقتصادياً قياساً بالمنافع التي سيحققها.

google-self-drive-car-technology-in-lexus-540x334

6- سيارات بدون سائق

لسنوات عديدة كانت الطائرات التجارية يمكنها العمل على وضعية الطيار الآلي autopilot والذي يمكنه قيادة الطائرة في مختلف الظروف وحتى الإقلاع و الهبوط وبدون أي تدخل للقائد البشري. و اليوم أصبح هناك إتجاه نحو تطوير سيارات بدون سائق كالتي بدأت بها شركة قوقل وهو ما سيصبح أكثر إنتشاراً بحلول عام 2025.

و للسيارات بدون سائق عدد كبير من الفوائد أهمها خفض الحوادث التي تؤدي إلى الوفاة نتيجة الخطأ أو السهو البشري، وكذلك خفض إنبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون من خلال التحكم الدقيق بالتسارع و الفرملة عبر نظام حاسوبي كامل.

وعندما تكون كل السيارات على الطريق السريع تقودها الحواسيب لا تحتاج لإبقاء مسافات كبيرة فيما بينها للأمان حيث هذه السيارات يمكنها التخاطب مع بعضها عبر معايير معينة، فلو أرادت سيارة ما التوقف أو الإنعطاف فإنها ستخبر السيارات التي خلفها لتفهم الرسالة وتتصرف بناءاً على ذلك، بالتالي لا نحتاج لشق طرق جديدة أو توسيع الطرق الحالية طالما يمكننا وضع المزيد من السيارات عليها.

وهنا لأن السائق لم تعد عليه مهمة القيادة يمكنه التصرف بوقته كما يشاء سواء بنفسه للعمل أو الراحة أو مع عائلته في رحلة. وهذه السيارات ستوفر من إستهلاك الوقود أيضاً لأن كل شيء محسوب وبدقة ويصل التوفير إلى 20%.

وخلال السنوات العشرين القادمة يجب العمل أكثر على تحسين كفاءة نظم القيادة و الذكاء الصنعي والحساسات و تقنيات صناعة السيارات بدون سائق، واليوم هناك نظم مطبقة فعلياً لا تعتمد على السائق مثل نظام ركن السيارة الآلي حيث تفهم السيارة عبر حساسات خاصة وضعيتها و المسافة التي تبعد عن محيطها كالسيارات أو الأشجار أو الرصيف بالتالي تحسب الزاوية المناسبة والسرعة المناسبة ليتم ركنها بشكل مثالي.

أخيراً بدأت شركات صناعة سيارات عريقة مثل جنرال موتورز و تويوتا و مرسيدس و أودي و BMW بإختبار نظم قيادة بدون سائق، مثلاً أودي لديها سيارة ضمن الإختبار يمكنها التعامل مع الإزدحام المروري عند الإشارات لتعرف متى تنطلق و تتوقف و تركن بدون تدخل السائق.

وهناك سيارات مرسيدس من فئة S القادمة عام 2014 تحوي عند تقنيات ونظم متقدمة بدون الإعتماد على السائق مثل المحافظة على مسافة معينة ما بين السيارات على الطرق السريعة و دعم السرعة لتكون ضمن مستوى معين وغيرها.

و اختبرت اليابان نظام قيادة شاحنات بدون سائق، لكن تريد أن تذهب أبعد من هذا حيث نجحت إختبار نظام أن يتحكم سائق واحد بأربعة شاحنات في نفس الوقت والتي تسير بسرعة 50 ميل في الساعة وتفصلها مسافة 4 أمتار فقط.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى