مقالات

أجهزتنا و"فرِّق تَسُد"

360_kuga_gadgets

قد يبدو أن العنوان جاء للمكان الخطأ، لكن الحق أن الانغماس في العالم التقني لا يعني الإنقطاع عن العوالم الأخرى بل عليه أن يزيدك قربًا لها. الرأي السياسي القائل بفكرة “فرق تسد” يصح تطبيقه على حياتنا التقنية للوصول لإنتاجية أعلى، هذا ما تعلمته مؤخرًا!

لو تأمل كل واحد منا عدد الأجهزة التي يملكها في بيته وعدد أنظمة التشغيل التي يعمل عليها، فإنه بلا شك سيصل إلى عدد يعكس مدى التنوع والاختلاف الذي تزخر به الحياة التقنية وفي الوقت نفسه قد يجد عددًا مبالغًا فيه ويعكس في جزء كبير منه مدى شراهته الإستهلاكية ومدى إنتاجيته المتدنية. لسنا كائنات آلية فارغة، نحن طلاب تخصصات مختلفة ومراحل دراسية متنوعة، ونمثل مواقعًا متعددة في السلم الاجتماعي والنظام الأسري، ننحن ببساطة أناس لنا حياتنا الخاصة ومشاغلنا الخاصة وهمومنا الخاصة وأجهزتنا المتصلة مع أجهزة الآخرين مكونة شبكة علاقات كبيرة متداخلة، تكون دائمًا السبب في أشكال من الفشل الذي نعانيه؛ فكم مرة فتحت يوتيوب لمشاهدة درس يتعلق بالتصميم وخرجت بعد أربع ساعات بعد أن شاهدت ما لا يقل عن عشرة مقاطع لم تكن في حاجتها ولم تنتفع بها، والأسوأ أنك لم تشاهد بعد مقطعك المطلوب ولم يتحسن مستواك في التصميم.

في السابق كنت أتبنى منهجية “العيش على الكفاف”؛ جهاز واحد قد يكفي لكل شيء. لكن هذا الجهاز السحري لم يُنتج بعد، لا يوجد جهاز -مهما كان مثاليًا- قادرٌ على أن يكون قارئ كتب ممتاز، جوال بكفاءة جيدة، متصفح إنترنت خارق، لوح رسم، منصة برمجة، آلة كاتبة، وصديق وفي. ساعدني في تبني هذه الرؤية كوني لا أملك Laptop ولا Smartphone ومعدلي الدراسي جيد بفضل الله ولم يتأثر بسوء كوني طالبة تقنية لا تملك هذه الضروريات! في الفصل الماضي درست قواعد بيانات وكنا نعمل على Oracle Express Edition و SQL Plus، انتهى الفصل من غير أن أقوم بتثبيت أيًا منهما ودون أن أحتاج إليه. دائمًا كان هناك مخرج غير شراء جهاز، فإما أن أقوم بإنهاء المطلوب في معمل الجامعة وهذا يوفر علي وقتًا أحتاجه في البيت وإما أن أعمل على جهاز إحدى صديقاتي، وفي حالة المذاكرة للامتحانات فإنني أكتفي دومًا بالفهم النظري كوني أتقبله أكثر من التطبيق العملي للمذاكرة. في موادٍ أخرى كنت أستمتع باستخدام برمجيات خارجة عن التي تقررها الجامعة علينا: تطبيقات الويب والبرمجيات المجانية أو مفتوحة المصدر على أوبونتو. وقد كانت عوامل مهمة في اكتساب شيء من الخبرة:

  • تجربة أشياء جديدة ومختلفة لا أستطيع التفرغ لتجربتها
  • تجربة شيئين على الأقل في المجال الواحد: تطبيق تجاري على ويندوز في معامل الجامعة وتطبيق حر أو مجاني أو مختلف على جهازي

كل هذا كان يغنيني عن شراء جهاز لا أحتاجه والأمر نفسه ينطبق على الجوال؛ فأنا شخص مقتصد جدًا في استخدامه كوسيلة اتصال ولا أحتاج لخصائصه الأخرى كوني مكتفية بجهاز الآي باد. نصل للنقطة الأساسية في هذا الموضوع والتي توصلت إليها بعد أن اكتشفت أننا في أحيان كثيرة نضطر لاستخدام عدة أجهزة بسبب حاجتنا وبسبب أن الشركات لم تقم حتى الآن بإنتاج الجهاز السحري المطلوب.

الفكرة التي وصلت إليها هي تقسيم المهام على الأجهزة، بمعنى تفريق القوى المسببة لتراجعنا بحيث نتمكن من السيادة عليها. فمثلًا: يتم تخصيص الهاتف لتطبيقات المحادثة والشبكات الاجتماعية، كونه جهاز معد بالأصل للتواصل الاجتماعي وعدم استخدام هذه التطبيقات على الأجهزة الأخرى وبهذا، فلن يقاطعك أحد عندما تعمل على الـLaptop لأجل مشروعك الجامعي. الشيء نفسه ينطبق على الأجهزة الأخرى، فلو تناولنا الجهاز اللوحي الذي خصصناه للكتابة؛ فإننا سنكتشف أننا لسنا بحاجة لشراء قارئ كتب إلكتروني كون الجهاز اللوحي الذي اشتريناه لإعداد التقارير وكتابة التدوينات والأخبار، أصبح بيئة مناسبة لقراءة الكتب والمجلات والخلاصات البعيدة عن الإزعاج الاجتماعي. وهكذا نكون خففنا العبء على الأجهزة وفي الوقت نفسه أصبحنا قادرين على التصرف فيها والتنقل بينها دون أن نشعر بأننا ملاحقون بالمهام والأشخاص.

أخيرًا، قد تبدو فكرة تقسيم المهام متناقضة مع الاقتصاد في استهلاك الأجهزة، خصوصًا وأن البعض قد يفهم بأني أطالب بشراء جهاز  لكل مهمة وبالتالي عدم الاستفادة من إمكانياته الأخرى. لكن الكثير منا يملك -افتراضيًا- عدة أجهزة ولديه الكثير من الشكاوى بخصوص عدم إنتاجيته وضياع وقته، عندها قد تفيده هذه الفكرة سواء طبقها طوال الوقت أو في أوقات معينة (مثل أيام الامتحانات أو العمل على المشاريع) كما أفادتني بتطبيقها على مجال ضيق وكما أرجو أن تفيدني مستقبلًا عند اضطراري لاستخدام أجهزة أكثر.

مصدر الصورة

‫9 تعليقات

  1. هذا بالفعل مافعلته مع أجهزتي
    ولكن واجهت مشكلة واحدة ( شحن الاجهزة )
    هل يوجد لديك حل ؟؟

  2. المشكلة في اجهزة انها ابعدتنا عن اعز الناس الينا واصبحت تبعد القريب وتقرب البعيد

  3. الجهازان اللذان لا أرى غنى عنهما اللاب توب والسمارت فون ، وأما الاجهزة اللوحية فهي كمالية . لكن المشكلة ليست في تعدد الاجهزة، المشكلة أن بعض الاشخاص يأخذ أكثر مماهو محتاج فنجد بعضهم يأخذ أعلى المواصفات وهو في الحقيقة لايستخدم ربع قوة الجهاز والبعض الاخر تجده شبه شهرياً بجهاز جديد مع أن جميع الاجهزة في السوق تؤدي الغرض المطلوب على أكمل وجه مثل أن يشتري شخص one x وبعد شهر يشتري s3

  4. قبل 10 سنوات بالضبط في 2002 ظهر أول هاتف لنوكيا يحمل كاميرا خلفه ووقتها انبهرت بمثل هذا الإختراع العجيب وفي وقتها كنت أتناقش مع بعض أصدقائي وكنّا حينها في المرحلة الثانوية عن هذا الجهاز ومدى روعته وظهر من بين أصدقائنا من أطلقنا عليه لقب (المتفلسف) ليقول لنا : هذا الإختراع فاشل ولن ينجح !! كيف يدمجون جهازين مختلفين في جهاز واحد !!!

    الكاميرا كاميرا والموبايل موبايل !!!

    وتمر الأيام والشهور بعدها بقليل وتبدأ الهواتف المحمولة المزودة بكاميرات تنتشر بمختلف موديلاتها و أجد صديقنا (المتفلسف) وقد اشترى له هاتف بكاميرا !!!
    قلت له : ها يا بو الشباب أشوف خذيت لك موبايل بكاميرا ؟ ما كنت تقول إنه اختراع فاشل وما راح ينجح ؟
    قال (المتفلسف) : ياخي العلم تطور وتطورت التكنولوجيا و أنا أتبع التطور !!
    قلت له : يا خي إنت ما تتبع التطور إنت ينطبق عليك المثل ( مع الخيل يا شقراء) !!!

    ولكم أن تتخيلوا نهاية المحادثة عقب هذه الكلمة :) !!!!

    الكثير منّا يمتلك العديد والعديد من الأجهزة : هواتف ذكية , أجهزة لوحية , أجهزة محمولة , أجهزة مكتبية والإنتاجية قليلة جداً وربّما تكون عند البعض معدومة لماذا ؟

    لأنه للأسف هذه الأجهزة تم إقتناؤها من أجل غرض واحد فقط وهو : ( التقليد ).

    قد يقول شاب مراهق : أكثر أصدقائي لديهم هاتف آيفون آخر طراز فلماذا لا يكون لدّي واحد ؟
    ( وهو بالنهاية لن يستخدم كل إمكانيات الجهاز وهاتفه الحالي يكفيه وزيادة)

    وقد يقول طفل : لماذا ليس لدّي آيباد مثل ابن عمّي ؟
    ( والأطفال دائماً عيونهم على ما في يد أقرانهم ويقلب الدنيا بكاءً حتى يأتي له أبوه بالذي يريده )

    وتقول فتاة : لماذا لا يكون لدّي لابتوب أفضل وأغلى من الذي عند صديقتي الذي اشترته بالأمس ؟
    ( وكل القصة غيرة لا أكثر :) )

    ويقول رجل قد بلغ العقد الخامس من عمره : لماذا لا يكون لدّي بلاكبيري مثل ( أبو ناصر :) ) ؟
    ( أبوي وشريت له وعلمته استخدام بلاكبيري , سير قول لعيالك يشترون لك :) )

    والشيء المشترك بين هؤلاء أنهم جميعاً يريدون أقتناء جهاز ما لأنهم شاهدوه عند شخصٍ ما , وليس لأنهم بحاجة إليه بل لمجرد التقليد .

    للأسف الكثير منّا لا يعرف ماذا يختار , بل يرى الناس ماذا تختار فيختار ما يختارون لأنفسهم فيشتري ما يشترون ويلبس كما يلبسون ففي النهاية يقول المثل :
    In Rome , do as Romans do .

    الكثير من حولنا من الناس مستهلكين فقط يقتنون الأجهزة لمجرد الإقتناء و التقليد فقط وليست للحاجة , هناك مثل أوربي لا أدري من أي البلدان هو ولكن معناه يقول : من اشترى شيئاً ليس له فيه حاجة فهو كمن يسرق نفسه , وعندما يقتني الناس الكثير من المقتنيات فقط لمجرد الإقتناء ومن غير إدراك ماذا بإمكانهم عمله بما اقتنوه فطبيعي جداً أن لا نرى إنتاجية , أو على الأقل لنكن
    متفائلين قليلاً ولنقل إنتاجية أقل , فنقاط لعبة الطيور الغاضبة أصبحت إنجاز لصاحب أعلى مجموع نقاط :) .

    قبل أيام أتى إلي أحد أقربائي يستشيرني في شراء قطع جهاز مكتبي لكي نقوم بشرائها تجميعها معاً وقد أحضر لي قائمة ببعض المكونات التي بحث عنها بالإنترنت , وبعد أن اخترت له قطع معنية معقولة قال : هل هذه أقوى قطع اخترتها ؟ قلت له : لا . فقال : اريد أقوى القطع . قلت له : ولكن هذا راح يكلفك مبلغ كبير . قال : مش مهم المهم أريد جهاز ما يعلق معاي ؟
    فقلت في خاطري ربما يحتاج جهازاً قوياً لكي يقوم بمهام ثقيلة وهنا سألته : وفي ماذا تريد استخدامه ؟ قال : ما أبغاه إلا عشان أتصفح ,أريد جهاز ما يعلق معاي وأنا أتصفح !!!
    قلت له : ولكن التجميعة السابقة تكفيك و زود . قال : مش مهم أريد أقوى شيء وما يعلق وخلاص .

    فبالله عليكم أي إنتاجية تُـنـتَظر من هكذا أشخاص ممن ذكرتهم !!!

    وأما بخصوص الفكرة في الموضوع :

    أحترم رأيك وفكرتك جداً يا إختي الكريمة هيفاء ولا أريد أن يُحس من تعليقي بأني مثبط ومحارب للأفكار بل على العكس هناك الكثير من الأشخاص من يقوم فعلاً بتطبيق فكرتك كما طبقتها أنتِ وأفادتكِ , بل وأعرف بعض الأشخاص الذين طبقوا أفكار شبيهة بفكرتك ومثل هؤلاء الأشخاص قليلون جداً , وأمثال هؤلاء يعرفون كيف يديرون أوقاتهم وأجهزتهم ويعرفون كيفية الإستفادة القصوى منها لمصالحهم .

    ولكن أيضاً لا ننسى , معظم من يقتني أحدث التقنيات يقتنيها لكي يضيع وقته أمامها :) .

  5. السلام عليكم
    المقال رائع أحسنتي , ورأيي أني اجد الأجهزة اللوحية سوف تحل مكان كل شي .
    أنا املك الآيباد الجيل الاول والى الآن لم اجد ضرورة لتغيره مع كل التطور الذي حدث للأجهزة اللوحية والتقنيات الجديدة التي أضيفت لها .
    أنا افكر بفكرة مقال حول الآيباد فهو قارئو إلكتروني للكتب والمستندات ومتصفح نت ويملك الكثير من التطبيقات العملية ويمكن توظيفه لعملك ويكن من خلاله التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي والأمر الوحيد النقص فيه هو الكاميرا .
    ودمتم بخير

  6. امتلك جهاز جالكسي اس 2 وجهاز بلاك بيري وجهازين جالكسي تاب وايفون ولابتوب وجهازين نوكيا ولا اعلم حتى الان لما اشتريتهم جميعا

    فانا لا احتاج سوا المحمول والبلاك بيري فقط …

  7. لم اشعر في يوم من الايام اني بحاجه الى اي من هذه الاجهزة الحديثه والسبب ان سعرها أكثر من الفائدة الي بستفيده منها
    عندي جهاز لابتوب وجوال صيني بدون كاميرا وبدون بلوتوث ، والحمد لله هذه الاجهزة تكفي كافة احتياجاتي اللابتوب منصب عليه اغلب منصات العمل ( دوت نت – نتبينز – اوراكل – ماي اسكيول – اسكول سيرفر – اكلبس – ابنتو …. الخ ) والجوال لاستقبال المكالمات حتى رصيد مافيه ههههههه
    اعتقد ان اغلبنا يشتري هذه الاجهزة للفشخرة والتسلية نادرا ً ما تجد شخص جالس يقرأ كتاب مثلا على الاي باد او يستفيد منه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى