مقالات

لماذا اوقفت مايكروسوفت مشروع اللوحي Courier؟

هل تذكرون مشروع مايكروسوفت السري حول الجهاز اللوحي Courier ؟ إن لم تسمعوا به من قبل فهو  جهاز بشاشتين تماماً كالكتاب وظهرت بعض التسريبات عنه قبل أن تكشف آبل عن الآيباد. تم صنع هذا الجهاز من قبل J. Allard وهو الرجل وراء منصة الألعاب Xbox

ونضج مفهوم هذا الجهاز بشكل جيد، بسبب أنه اللوحي الوحيد الذي لم يحاول سرقة فكرة آبل. وبرأي يمثل هذا الجهاز بالفعل صورة المنافسة بين مايكروسوفت و آبل في سوق اللوحي لو كتبت له الحياة.

حسناً، ماذا حصل لـ Courier? لماذا لم يطلق؟ في الواقع بيل غيتس وراء ذلك بسبب ردة فعله الحساسة لأن المشروع لم يشغل Outlook.

البداية

في لحظة ما ضمن إجتماع في بدايات عام 2010 في مكتب بيل غيتس، سأل غيتس Allard حول كيف يمكن للمستخدم من أن يحصل على البريد الإلكتروني؟ و كان Allard مسؤولاً حينها عن جعل اللوحي في معايير الحواسيب المعروفة. لذا اخبر غيتس بأن فريقه لم يحاول إنشاء تجربة بريد إلكتروني جديدة. وأجاب أن كل من سيملك Courier سيكون لديه أيضاً هاتف ذكي للوصول السريع إلى البريد الإلكتروني لكتابة الرسائل و تفقد الصندوق الوارد.

إذن كان يمكن لجهاز Courier أن يجلب البريد الإلكتروني من الإنترنت، لكنه لم ينوي أن يحل محل الكمبيوتر. ولا يرغب مستخدمي Courier بتطبيقات خاصة بالبريد الإلكتروني مثل Outlook، حتى يستطيع الإنتقال بسرعة لعرض الصندوق الوارد وتخزين الرسائل لقرائتها بدون إتصال بالإنترنت وكذلك كتابة الرسائل لإرسالها لاحقاً. كان Courier موجهاً للمبدعين أي كجهاز يسمح للمهندسين بالبدء برسم التصور الأولي لتصاميمهم بسرعة، أو للكتاب للبدء بتدوين المسودة الأولى لمؤلفاتهم.

وهنا كانت ردة فعل بيل غيتس الحساسة حيال الموضوع، فكما هو من السهل أن تقول ” لا يوجد بريد إلكتروني ” فإنه من الجنون التفكير بذلك على حاسب لوحي، وكانت لـ Allard على الأقل رؤية متماسكة حول الجهاز، فالجهاز لم يكن بديل للحاسب المحمول أو الهاتف الذكي. إنما كان جهاز لإنشاء و استخدام الوسائط الإجتماعية وهو جهاز لخلق المحتوى ثم يمكن استخدامه عبر الحاسب العادي. أي هو جهاز مكمل للحاسب العادي وليس بديل.

بهذا الشكل عرّف Allard الفكرة الأساسية للجهاز اللوحي التي انتهت بأن أطلق آبل الآيباد و أوقفت مايكروسوفت المشروع.

وحتى لو سمح لـ Allard بأن يستمر بالعمل على الجهاز، فربما كانت آبل ومايكروسوفت قد وصلتها للسوق مع أجهزة مثيرة بنفس الوقت. وعلى ما يبدو فإن قصر النظر هذا أساس مشاكل مايكروسوفت الحالية، وتحاول مايكروسوفت لملمة نفسها عبر حاسبها اللوحي الذي اطلقته بإسم surface و نظام الويندوز 8 بواجهة تدعم أجهزة اللمس.

طريقين أحلاهما مر

وقع ستيف بالمر في مأزق، حيث كان أمامه مجموعتين من الرؤى حيال الحواسب اللوحية، فمن جهة كما رأينا كان يدفع Allard تجاه الجهاز بشاشتين قياس كل منهما 7 بوصة كالكتاب والمزود بقلم لكن مشكلته أنه يعمل على نسخة معدلة من الويندوز، أي ليست نسخ ويندوز المعروفة وبالتالي لن يسهم في زيادة مبيعات الويندوز.

والرؤية الأخرى تخص Steven Sinofsky رئيس قسم ويندوز في الشركة، حيث كان الرجل حذراً من أي منتج قد يطلق لوحده ويهدد شركة مايكروسوفت بأكملها بما فيها نظام التشغيل ويندوز. وكان يملك فكرة حاسب لوحي يعمل على ويندوز لكن لم يجري العمل عليها.

بالنسبة لـ Ballmer كان من الصعب التفكير بين الخيارين، فالرجلين مهمين للشركة وكلاهما ثقة للإنتقال بها إلى وضع أفضل في المستقبل. ومع ذلك مال إلى فكرة Allard لكونه خبرة أكبر في التقنية و كان يثق به بيل غيتس.

بالعودة إلى بيل غيتس وحساسيته المفرطة، يجب أن نتفهم هذه الحساسية لكون الشركة تجني مليارات الدولارات من تطبيق البريد الإلكتروني Exchange e-mail server للشركات و Outlook للأفراد. وكانت هذه النقاشات اعتيادية في عمليات التطوير في الشركة لذا لم يستبشر غيتس خيراً بالجهاز، ونقل مخاوفه إلى ستيف بالمر الذي كان يجمع المعلومات من عدة جهات.

لذا وخلال أسابيع تم إلغاء العمل على جهاز Courier لأنه لم يتوافق بوضوح مع سياسات و أفكار الشركة حول ويندوز و أوفيس. وبعد عدة أشهر أعلن Allard عن نيته ترك الشركة قائلاً بأن هذا القرار غير متعلق بإلغاء مشروع Courier.

وقال Frank Shaw الناطق بإسم مايكروسوفت في نيسان ابريل 2010 معلقاً على إلغاء مشروع الجهاز، أن تطوير واجهات جديدة للمستخدمين أمر متجذر في الشركة من أجل زيادة الإنتاجية و الإبداع، وكان مشروع Courier يصب في هذا الاتجاه، سيتم تقييمه لإستخدامه مستقبلاً، لكن لا خطط حالياً في الشركة لإنتاج أجهزة مشابهة.

بالرغم من أن المعركة الداخلية حول الجهاز استمرت سنة ونصف، لكن آثار هذا القرار تنعكس علينا اليوم. فلو استمرت الشركة في الجهاز لكان قد انطلق قريباً مع الآيباد في نيسان 2010. إلا أن مايكروسوفت قد اتخذت استراتيجية الإجبار أن تأتي بعد الجميع، حيث أنها ألغت جهاز Courier خلال أسابيع قليلة عن طرح الآيباد. والآن تعتمد الشركة على ويندوز 8 كنظام تشغيل يدعم الحواسب اللوحية ويشغلها علاوة على جهازها الذي أطلقته.

كشف إلغاء مشروع Courier عن الوجه الدارويني لمايكروسوفت في تطوير المنتجات و الموازنة بين حماية منتجاتها الحالية و إنشاء منتجات جديدة. حيث أن الشركة ومع أكثر من 90 ألف موظف يمكنها أن تأتي بأفكار ثورية كثيرة للحواسيب. لكن أحياناً يتوقف الإبداع بسبب العمليات و التصنيف ضمن منتجات أخرى أو التضحية من أجل حماية امبراطورية الويندوز والأوفيس لدى الشركة.

ليست نزوة

كان جهاز Courier أكثر من رؤية ذكية، فالفريق البالغ عدده أكثر من 130 موظف شارك في تقديم عدة نماذج أولية قدمت صورة واضحة عن تجربة المستخدم التي سيحصل عليها. وكانت لاتزال هناك عدة مشاكل برمجية وفي العتاد تعمل مايكروسوفت على حلها. وكشف أحد العاملين على الجهاز أنه كان شبه جاهز وعلى مرمى بضعة أشهر من إكتماله للإطلاق.

الخلاصة

كنتيجة لهذا التحليل فإن بيل غيتس كان محقاً و Allard، ونجاح الآيباد يثبت رؤية بيل غيتس. حيث يملك العديد من أصحاب هواتف آيفون حواسب آيباد وغالباً ما يرغبون بقراءة البريد الإلكتروني على الجهازين. إذاً فإن فكرة الحاسب اللوحي يعتمد على الحاسب العادي أو الهاتف الذكي للإطلاع على البريد الإلكتروني فكرة غبية.

وبالمثل فإن الحاسب اللوحي بالنسبة لبعض المستخدمين يحل تماماً محل الحاسب العادي أو المحمول هي فكرة قاصرة بعض الشيء. والعجيب أن الآيباد يسمح للمستخدم بأن يقوم بالكثير من الوظائف مما يجعل من الممكن ترك الحاسب المحمول في المنزل والاكتفاء بالآيباد.

وبالتالي فإن ” إنشاء المحتوى ” كان الاستخدام الثانوي للحواسب اللوحية وليست الأولية التي يجب التركيز عليها.

نعود للبداية، لم اللوم كله على بيل غيتس في حين أن Steve Ballmer كان حينها المدير التنفيذي للشركة؟

بيل غيتس يحمل حاسب لوحي في الفرع الرئيسي لمايكروسوفت عام 2000

وهذا المقطع يشرح وظائف اللوحي Couriet

مقالات ذات صلة

‫27 تعليقات

  1. نعود للبداية، لم اللوم كله على بيل غيتس في حين أن Steve Ballmer كان حينها المدير التنفيذي للشركة؟

    ج:لأن بيل غيتس رئيس مجلس الادارة ومهمته عمل الخطط والرؤية للشركة.. والرئيس التنفيذي يعمل على توصيات رئيس مجلس الادارة.

  2. سؤال مهم جدا ويحتاج إلى إجابة؟
    أين المطبلين لشركة أبل، دوما نسمع منهم بأن أبل أم الافكار والابداع والسباقة!!!
    أبل شركة تسرق الكثير من الافكار وتعيد إخراجها بشكل رائع لا يمكن إنكاره، ولكن المشكلة تقوم بتسجيلها كبراءات اختراع وتحارب كل من يحاول أن ينافسها بحجج اقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها غبية وواهية ولكن للأسف ليدهم طاقم محامين مثل منتجاتهم ضيق ولكن يعمل بشكل رائع!!!

  3. جهاز أقل ما يقال عنه تحفة
    الأفكار التي في هذا الجهاز
    تجعلك تفكر في أن ميكروسوفت هي الأصل و الباقي مجرد تقليد
    فكرة تقطيع صورة و وضعها في مكان
    هي مثل الفكرة التي جعلم من سامسونج جالكسي نوت جهاز رائع
    و أيضا التكامل بين إستخدام القلم و اليد
    صراحة ميكروسوفت ضيعت فرصة العمر في رئاسة سوق الأجهزة اللوحية

  4. في رأيي من من أسوأ قرارات مايكروسوف، إن لم يكن يدعم البريد الإلكتروني فما هي صعوبة إضافة هذا الدعم؟ أما إلغاء المشروع كلياً؟ هذا ببساطة رمي لجهود وأفكار رائعة في سلة المهملات، وكونه جهاز إنشاء محتوى يجعله أكثر تميزاً وأكثر فائدة ومن الواضح أن هناك طلب على برامج إنشاء المحتويات في الحواسيب اللوحية لكن كورير يقدم وسيلة رائعة لفعل ذلك وهناك على الأقل برنامجان في آيباد يحاكيان كورير، أحدهما يحاكيه بشكل تام والآخر يشترك معه في نفس فكرة الدفاتر والألوان.

    لو ظهر منتج ناجح يأكل حصة منتجات أخرى في نفس الشركة فلا بد على الشركة أن تدعم المنتج الناجح على حساب منتجاتها الأخرى، أبل فعلت ذلك والآن أجهزة آيفون وآيبود وآيباد هي المصدر الأكبر للأرباح وهي الأجهزة الأكثر انتشاراً من أبل، صنعت أبل آيبود ميني وكان منتجاً ناجحاً أكثر من آيبود الأول لكنها لم تبقى بدون فعل شيء لتنتظر الأرباح فقط بل صنعت آيبود نانو وكان أكثر نجاحاً من ميني، هكذا منتج يأكل منتجاً آخر مقابل أرباح أكبر.

  5. لو الجهاز كان موجود في الاسواق لما تأخرت لحضه عن شراءه
    هذه ما احتاجه في عملي تماماً
    الجهاز هذه ليس للترفيه وانما جهاز احترافي موجه لقطاعات معينه
    شركات الإعلانيه – مصممين الازياء – مهندسين الديكور – مخرجين المجلات – المحاضرين – الطلبه الخ

    للأسف بأن نظرة بل جتس كانت قاصره

  6. لا تنسون ان من اوقف المشروع للأسباب الموجودة في هذا الموضوع ( كما عرضها كاتب المقال ) هو وراء شركة مايكروسوفت وما اعتقد انه يفوت فرصة ذهبية يرى انها تحقق المليارات لشركته ، ربما كان محق لعدم دخوله بهذا الجهاز للسوق في ذلك الوقت.

    ربما هنالك اسباب أخرى منعت الشركة من انتاج الجهاز غير الأسباب التي وردت في المقال.

  7. آبل رسمت في عقل المستخدم أنها سيدة الإبداع, وأن مايكروسوفت موجودين فقط لسرقة الأفكار

    هي نفس السياسة التي تستخدمها ضد سامسونج اليوم

    شخصيا إكتفيت بتجربة الآيفون والآيباد دون إقتنائها, ليس لكون منتجات الشركة سيئة بالعكس لا أحد ينكر أنها نجحت في الآيفون والآيباد ولكن لم أكن مرتاحاً لسياسة الشركة الإحتكارية

    هناك مقولة شهيرة تقول “مايكروسوفت تصنع ما نريد وآبل تصنع ما تريد”.

    على أي حال… من المتوقع أن يغير تابلت Surface كثيراً من موازين القوى, وغالبا سيكون الصفقة الرابحة إذا جاء سعره في نفس نطاق سعر الآيباد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى