مقالات

الإستثمار في عالم الأنترنت العربي…آمال و آلام

مما لا يختلف حوله اثنان ، ان الأنترنت كانت و لا تزال و ستبقى الى ما شاء الله لها ان تبقى، احدى أنجع الوسائل، و اعظم الادوات التي يتكئ عليها الأفراد ، الشركات ، المؤسسات ، بل و حتى الدول و الحكومات في دفع عجلة التقدم الى الامام و تحقيق ما كان مستحيلاً فيما مضى .
و مع هذا التقدم المذهل و التطور الكبير على مستوى التقنية ، نجد ان الكثير من أرباب المشاريع و رجال الاعمال العرب فضلوا الاستثمار في مشاريع أجنبية عوض الدخول في شراكات مع أفراد او مؤسسات عربية . فما هي الدوافع التي أدت إلى ذلك ؟ و هل كانت نظرتهم صائبة و تحقق لهم ما كان يرجونه ؟

في هذه المقالة المتواضعة ، سأحاول جاهداً التعرض لنقد هذه النظرية السائدة لدى الكثير من الأفراد و الشركات لأبين ما فيها من صواب مقابل ما تحمله من خطأ و لست بمقام الحكم غير اني علمت ان الدفع بخبرتي هذه كورقة في السوق قد تسهم -ولو بالقليل- في تغيير هذه النظرة النمطية اتجاه الأنترنت في العالم العربي .

بحسب تقارير احصائية اصدرها موقع إحصائيات الأنترنت العالمي ، تبين ان نسبة الأنترنت في العالم العربي تضاعفت بين سنة 2007 و 2012 ، لتنتقل من 20 مليون الى 77 مليون مستخدم ، لكن اذا نظرنا في الخط الموازي فسنجد قصوراً حاداً في نسبة الاستثمارات في الأنترنت عندنا بالنظر الى هذه النسبة المرتفعة نسبياً مقارنة بالسنوات الماضية .

يرجع السبب الرئيسي في ذلك الى عزوف حاملي رأس المال الجريء بغض النظر عن ماهيتهم افراداً كانوا او مؤسسات الى الاستثمار في المشاريع الاجنبية عوض العربية للأسباب التالية :

  1. ضعف الاقبال على الأنترنت في الدول العربية عكس الدول الاجنبية .
  2. شبه انعدام البنية التحية و الدعم المادي و المعنوي الذي تحتاجه المشاريع لكي تنموا نمواً صحياً يضمن لها الاستمرارية و تحقيق مصالح أصحابها .
  3. فقدان جسور التواصل بين اصحاب المشاريع و متطلبات السوق العربي .
  4. احتكار الأنترنت من طرف اساطيل عادة ما تكون عبارة عن شركات الاتصالات و شركات متعددة الجنسية بدون الدخول في التسميات .

لكن السؤال الأصعب و الفيصل في هذا كله هو هل كان الاستثمار في المشاريع الاجنبية خياراً ناجحاً و حلاً جذريا لهذا المشكل بالفعل ؟
من وجهة نظري لا ، لايعدوا ان يكون ذلك تجاوزاً للواقع الذي لن ينجلي عن اذهاننا الا بوقفة صارمة منا جميعهاً – نحن معاشر المطورين و المبرمجين و اصحاب الشركات و المؤسسات – لتصحيح هذا الوضع و رفع كل العقبات التي نجدها امام خط التطوير الذي وضعناه لأنفسنا و لمشاريعنا و لنعلم ان مانجده اليوم أمامنا من تحديات قد مر منها العالم الغربي قبل ان يصل الى ما وصل اليه من نجاح مبهر حتى أصبح صقيعاً يسر الناظرين و مستقر أحلام كل ذي حلم .

قد تكون الاسباب الدافعة لهذا العزوف صائبة و صحيحة في كثير من الأحيان ، لكن يبقى الرهان هو كيف ننقلها من نقاط ضعف الى نقاط قوة ؟ نعم يمكننا ذلك بكل بساطة ، فضعف الاقبال على الانترنت في عالمنا قد يتحول في لغة اهل الاقتصاد الى سوق خصبة قابلة للتوسع و التمدد ، و فقدان جسور التواصل بين اصحاب المشاريع و المتطلبات قد تولد فرص شغل جديدة و تفرز شركات متخصصة في اصدار دراسات للسوق و بيعها لأصحاب المشاريع كما هو الحال مع كبرى الشركات الاجنبية و هكذا .

و قبل هذا و ذاك يجب مراجعة القناعات الخاطئة و تصحيحها ، و ترك النظريات السطحية التي لا تحتكم الى الواقعية في شيء كقولهم “انت عربي ؟ اذ كنت كذلك فلن تنجح ، بكل بساطة لانك عربي” قد تستغرب هذا القول ، لكنه واقع مر شئنا ام ابينا و يحمله عدد غير قليل ممن ينتمون الى فئة الرواد .

فأول خطوة في تصحيح المسار هي استئصال مثل هذه الأفكار ثم بعدها نقوم بجرد موضوعي لحاجة المستخدم العربي و التي تكون الدافع الاكبر و السبب الاعظم في تحديد مصير نجاح المشروع من عدمه و كما قيل “الحاجة ام الاختراع” و انا ازيد فاذا انتفت الحاجة انتفى الاختراع.

بعدها تكون الخطوة الاهم هيف كيف و من و ماذا؟ أسئلة عريضة تدفعاننا الى القيام بعملية دراسة للمشروع ترتكز على تحديد كيف سنقدم المشروع ؟ و من هي الفئة المستهدفة ؟ و ماذا نقدم لهم ؟ و لنكن صريحين في الاجابة عليها و بشفافية عالية و مصداقية ، و لنترك تقليد او تعريب الأفكار الأجنبية بعيداً عنا . فالعوامل التي دفعت بتلك المشاريع للظهور تختلف كلياً عن العوامل التي ستدفعك لاظهار مشروعك ، و هذه احدى كبرى الاسباب التي تجهض المشاريع و تفرغها من قيمتها السوقية بل و حتى المعنوية.

فاذا تمخضت الأسباب و ظهر المشروع ، بعدها فقط تحصل على الحق في البحث عن استثمار ، يتبنى مسؤولية كفالة المشروع من الناحية المادية . ليبقى الرهان الاداري عليك كصاحب مشروع يحمل بين طياته آمالا و آلاماً في النهوض بالأنترنت العربي . و الدفع به الى الأمام لتنتقل القضية من مجرد مشروع يدر دخلاً مادياً الى قضية أمة تسعى في تطوير ذاتها و امكاناتها و فرض وجودها في رقعة لطالما شكلت عاملاً اساسياً و مصيرياً في تحديد تطور الامم من عدمها .

‫4 تعليقات

  1. اعتقد ان للاعلام دور كبير في الموضوع و هذا لم تشر اليه في مقالك … في في الدول الغربية تجد ان اللاعلام يتابع مشاريع الشباب و يرويج لها عبر كتابة مقال عنها على الاقل يوصل فكرة مشروعه الى احد المسثتمرين.

    الخلاصة : كلامك صحيح لكن هناك حلقة مفقودة و هي طريقة التواصل بين صاحب المشروع و المستثمر فهي معدومة.

    لنفرض مثلا انني مستثمر و اريد الاسثتمار في مشروع على النت ؟ اول ما افعله هو الدخول الى هذه المدونة التنقية عندنا ارى مشروعاً يحقق طموحاتي و يدفعني للمغامرة فيه ساتواصل معه مباشرة.

    و الا فاسبأقى انتظره حتى يتصل بي … و هذا غير ممكن عملياً ان لم يكن بيننا وسيط مباشر. و هذه حالات خاصة جداً.

    كم شركة عربية تعلن دعمها لمشاريع الويب … حتى لو كانت شروطها قاصية ؟

    علينا بايجاد حلقة الوصل اولا ثم الكلام على المسثتميرن و باقي التفاصيل.

  2. الاستثمار اصبح الان الملاذ امان في استمرارية اي عمل سواء كانت عمل تجارية على أرض واقع ام عمل تجارية الكتروني
    هناك مشاريع تجارية مربحة الكترونية وهناك اجراءات مطلوبة تطبيقها لكي تتم عملية تجارة فيما بينهم

  3. اتفق مع VSook في العالم الاجنبي نرى مواقع مثل TechCrunch التي متخصصه في المشاريع الناشئه تعمل فرق السماء والارض, واي تغطيه من قبل TechCrunch تزيد فرص نجاح المشروع بأضعاف مضاعفه…

    السؤال الذي يطرح نفسه, عالم التقنية مو المفروض تسوي نفس الشيء؟ ولكن الي نشوفه العكس, و اذا تم طرح مشاريع عربيه تكون احد الامرين
    – كاتب المقال يعرف صاحب الموقع بشكل او بأخر.
    – يتكلم عن مشاريع كبيره وبدعم مالي كبير من الاساس.

    اول خطوه, ايجاد احد يتكلم عن هالمشاريع عشان الناس تعرف في شو تستثمر وهل بالفعل تستاهل, اغلب المستثمرين لا يعرفوا قصص نجاح لمواقع عربيه كثيره الا المحدوده والي موجوده من سنوات طويله, لانه من الاساس محد ينقل تلك القصص لذلك ماخذين فكرة “العرب ما ينجحوا بشيء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى