هوس الاستهلاك التقني
يشهد عصرنا هذا هوسًا استثنائيًا في الاستهلاك التقني وعلى كافة الأصعدة، سواء تمثل هذا الاستهلاك فيما تقوم به الشركات والدول (المنتجة وغير المنتجة للتقنية) أو في سلوك الأفراد الذين نتابعهم على الشبكة أو نعرفهم على الأرض والتي تعكس خللًا سلوكيًا فيما نشاهده من هوس الاستهلاك التقني. ولندرك فداحة هذا الخطأ في سلوكنا التسوقي لنتأمل بعض الحسابات على الشبكات الاجتماعية والتي يتنافس أصحابها في إظهار أسطول الأجهزة التي يمتلكونها والتي غالبًا ما تكون تابعة للشركة نفسها. وعلى الأرض تجد أن نسبة لا يستهان بها ممن تعرف أو تشاهد منهمكة بالرد على ما يرد على أجهزة البلاك بيري الخاصة بها والتي لا تتركها إلا لتقوم بتغيير المقطع الذي تستمع إليه عبر الآي بود تتش الذي يعد بدوره مجرد مشغل للإم بي ثري عند كثيرين!
ومن المفترض كردة فعل لهؤلاء المستخدمين على ما يملكونه من أجهزة وتقنيات أن تكون دافعًا لهم لإثراء المحتوى العربي على الشبكة، لتطوير البرمجيات، زيادة الوعي من خلال القراءة ومتابعة المواقع والصحف والبودكاست، الحصول على طرق مبتكرة لتنظيم الأعمال وإنجازها، أو على الأقل إيجاد طريقة مفيدة لقضاء الوقت. لكن على العكس مما هو مفترض، نجد أن غالبية هؤلاء ينغمسون في هذه التقنيات بطريقة تضيع أوقاتهم معها بلا جدوى.
حسنًا، ومالمشكلة في أن يشتري من يشاء ما يشاء؟
المشكلة أنك تعيش وسط مجتمع، وسلوكياتك بتضافرها مع سلوكيات الآخرين ستصنع سلوكًا معينًا يؤثر في هذا المجتمع ويكمن ضرره في التالي:
- تكوين فكرة خاطئة عن المنتج ونشرها؛ لأن مميزاته مهما بلغت من الاحترافية إلا أنها لم تنفع المستخدم، ببساطة لأنه لا يحتاج إليها. وهذه النظرة تسبب إرباكًا للأفراد الذين يقررون شراء هذا المنتج لاحقًا.
- الاعتياد على مطاردة المنتجات وشراء كل ما وصل للسوق؛ بحيث يصبح هم الفرد امتلاك أكبر عدد من الأجهزة. مما يؤدي لتسطيح الاهتمامات وضياع الأوقات.
وكلا المشكلتين تصعب فهم حقيقة أن الشركات تتنافس ويترتب على نجاح أو فشل هذه المنافسة خسائر أو مكاسب هائلة. وهذا يحجب المستخدم عن أن يكون في موقع الفاعلية ويحصره في نطاق ضيق.
السؤال الذي سأحاول الإجابة عليه هو: بعيدًا عن التعصب للشركات وعن هذا الهوس الشرائي، ما الذي ينبغي على المستخدم فعله حيال هذا التنافس المجنون بين الشركات في تقديم منتجات بمزايا خرافية؟
الإجابة الأولى تقول بأنه يجب أن نحذر من الخضوع غير الواعي لإعلانات الشركات؛ إذ أننا وبقليل من التركيز سنجد أن ما أدهشنا في إعلان، تغطية، أو مؤتمر شركة لا يعنينا بشكل مباشر. مثلًا أنت لا تحتاج لجهاز لوحي ذي مواصفات بصرية عالية إذ أنك لا تهتم بالملتيميديا مثلًا وكل عملك مقتصر على تصفح الشبكة واستعراض البريد، لم تدفع مبلغًا أكبر على جهاز لا تحتاجه؟! وفي هذا الصدد أذكر أن أحد أقاربي اعترض على كون الآي فون محدود الذاكرة ولا سبيل لزيادتها في حين أن بإمكانه شراء أي جهاز من نوكيا وزيادة ذاكرته إلى 64 جيجا، رغم أني أكاد أجزم بأن ذاكرتي حاسبه وهاتفه لن تزيدا عن 16 جيجا! ولهذا حاول أن تكون موضوعياً فيما يخص نوع الجهاز الذي ستقدم على شرائه ولا تنخدع بالإعلانات التي تتحدث عن مزايا لاتهمك.
النقطة الثانية تتعلق بالمعرفة الشخصية. البعض يقرر فجأة أنه سيشتري هاتفًا ذكيًا، يذهب لأقرب متجر ويشتري جهازًا رآه لأول مرة! لهذا عليك أن تعرف نوعية الأجهزة الموجودة ومزاياها وعيوبها وهذا يتحقق بعدة طرق:
- متابعة المدونات، البودكاست، مقاطع اليوتيوب والتي تقوم بعمل تغطيات للمعارض ومراجعات للأجهزة وأنظمتها.
- تصفح متاجر التطبيقات والبحث عما تحتاجه بالفعل. قراءة مراجعة التطبيق وصوره وتقييمات المستخدمين ستعطيك فكرة قريبة عن جدوى استخدامه وعن عمل التطبيقات على النظام و المميزات المدعومة من قبله.
- بعد ما سبق ستجد أن لديك عددًا من الأجهزة والتي وقعت في الحيرة للتمييز فيما بينها. هنا يأتي دور المقارنات والتي توفر عليك عبأها الكثير من المواقع مثل:
ولا تهمل مسألة تكوين مقارنة خاصة بك، تضع معاييرها وتقييماتها حسب ما تشكل لديك من اطلاعك وحسب ما توصلت إليه من فهم متطلباتك أنت.
بالأخير علينا التنبه على رفع مستوى استهلاكنا بحيث يغدو استهلاكًا منتجًا وفعالًا.
موضوع أصاب العلة التي يعاني منها مجتمعنا حاليا .
الشراء لمجرد الشراء فقط تقليد أحيانا تفاخر أحيانا ، مما سينتج جيل لايعرف كما قلت عن الآيبود سوى أنه مشغل mp3 ، ولايفرق بين السوفتوير والهاردوير إستمتعت بما كتبت فهو يلامس الواقع المؤلم.
أروع تدوينه بين السابقين حتى الآن هيفاء , حيادية و شامله وتخدم واقعنا الجغرافي و تضع المستخدم فى بداية الطريق . مازلت أنتظر جديدك .
مقال رائع اخت هيفاء وواقعي جداً
للاسف اصبحنا نعاني من ثقافة استهلاكية “مزمنة” !!
احد معارفي لا يجيد “الف باء التقنية” ومع ذلك فهو يدافع وبشراسة عن الآيفون وعن فوائده “العظيمة” وفي النهاية قرر ان يشتري واحداً, وكان آيفون ثري جي اس من نصيبه, وبعدها بأقل من اسبوع اعلنت ابل عن ايفون فور ! فقرر ان بعد فترة سيبيع جهازه الثري جي اس ويشتري الايفون فور, وليست هذه المشكلة, المشكلة انه وخلال الشهرين التي ظل جهازه الاول معه لم يستخدم اي من مميزات الآيفون الكثيره ! هو حتى لا يعرف اكثر من الاتصال وارسال الرسائل النصيه والتصوير بالكاميرا !!!!! ولم يستفد من كل الخدمات الأخرى المتوفره لأنه لا يحتاجها من الاساس . والآن وقبل اسبوعين تقريباً اشتري آيفون فور ولم يستفد منه اكثر من “الاتصال, الرسائل النصيه, الكاميرا” !!!!
المشكلة ان هناك كثيرون يتبعون “الموضه” لأنها “موضه” وكفى !
هذا الهوس الاستهلاكي استوردناه من الغرب كما استوردنا كثيراً من الأفكار الأخرى، المشكلة أن الغرب يستهلك وينتج ونحن كفة الاستهلاك عندنا أثقل بكثير من الإنتاج.
أما الإعلانات فأرى أن تأثيرها ليس كبيراً مقارنة مع تأثير الواقع الاجتماعي المحيط بالفرد، على سبيل المثال بلاكبيري لم ينتشر بسبب الإعلانات بل لأن مستخدميه يدعون أصدقائهم لاستخدامه وهكذا تتسع دائرته حتى تصل لأن يضغط مستخدمي بلاكبيري على من لا يريد استخدامه لكي ينضموا للدائرة، تأثير شخص يستخدم أحدث هاتفاً جديداً أكبر بكثير من تأثير الإعلانات.
نشر الوعي الاستهلاكي أراه الحل الأفضل ثم نشر الوعي التقني من ناحية شرح فوائد الأجهزة وكيف يمكن استغلال خصائصها يومياً.
راااائع جدااااا
فعلا هناك من يشترى الجهاز( اى جهاز ) لمجرد سعره الغالى او لماركته دون ان يحتاج 70% من امكانيته
مجرد تفاخر بما يملك امام الناس
مشكلتنا ان احنا نتعامل في حياتنا بمبدأ الغيره والمظاهر وهذا الشي انعكس على مجال التقنيه.
انا اعتقد ان شركة زي RIM بعد ماكانت شغاله تقريبا 15 سنه انصدمت لما وصلت الوطن العربي وشافت طريقة استخدامنا للبلاك بيري وكيف حققنالها ارباح هائله . المشكله فينا انا نمشي ورا الجماعه لما تشوف احد بيشتري جهاز رح يشتري حسب عدد الناس اللي قابلهم واشتروا هذا الجهاز وطبعا رح يشتري وهو حتى ميزاته لسا ماعرفها بس اشتراه بمبدأ (يمدحونه)!!
مشكوره اخت هيفاء عل هذه المقاله الرائعه..
اذا الشخص اشترى جهاز كل سنتين ان شاء الله راح يكون امتلكت عالاقل خلال حياتك 50 سنة :
19 هاتف محمول
14 لاب توب
4 مشغلات mp3
6 شاشات ال سي دي
اللي يغير كل هاذي في سنة وهذا حسب احصائيه بريطانية .
اتفق معك في كلامك 100% لاسف اصبح عندنا هوس تكنولوجي غريب يرجع اغلبه الي داء التباهي وينتج عنه شراء اجهزة لا يحتاجها او لا تناسبه او لا يعرف تشغليها ..
علي سبيل المثال : يكون معه هاتف جوال وايبود !! اليس الجوال فيه تشغيل ملفات صوتية وسماعة ؟ اليس الايفون مدمج فيه ايبود ؟ اذن لماذا تشتريه ؟
نجد ايضا من يشتري الايباد او جهاز لوحي .. رغم انه لا يستخدمه الا نادرا واغلب وقته يقضيه علي الكمبيوتر العادي .. وعند الانتقال يستخدم هاتفه !
ما فائدة الايباد اذن ؟
نجد من يشتري اللاب توب وهو لا يستخدمه الا قليلا و اغلب وقته يقضيه علي الجهاز العادي وانتقاله قليل ..
اضف الي هذا الكاميرات وغيرها ..