مقالات

إدارة المحتوى: اعرض محتواك بشكل فعال وغير تقليدي

في زمان مضى لم يكن هنالك طلب كبير على مواقع الإنترنت، قلة هم من كانوا يبحرون في الإنترنت بانتظام، فلم يكن هنالك أي إقبال يذكر على امتلاك تلك المواقع، أتت من بعدها فترة أصبح امتلاك موقع إنترنت بمثابة الموضة الدارجة، كان الإنترنت قد تحسن نسبياً وأسعار مقدمي الخدمة انخفضت قليلاً، وتهافت الناس على امتلاك مواقع الإنترنت والتفاخر بها، تمر بذاكرتي مشاهد كثيرة لأناس من تلك الفترة وهم يتوسلون لأساعدهم بامتلاك مواقعهم الخاصة، وعندما أسأل كل واحد منهم ما نوع الموقع الذي تريد امتلاكه، كان الرد دائماً ما يأتي:”أريد شاتً وشكّل لي من كل شي” !

كان الطلب في تلك الفترات منحصر وبشكل كبير على إنشاء موقع يحتوي شات أو منتدى، لم تكن الخيارات كثيرة في ذلك الوقت إلا أن التركيز على الخدمات التي تستلزم تفاعل الزوار والترفيهية منها على وجه التحديد هو الأكثر شعبية، كثيراً ما كنت أسأل كل من يأتيني بغية المساعدة في إنشاء موقع خاص “ما نوع المحتوى المقدم؟” فكانت الإجابة غالبا ما تأتي “هااه!؟ ما فهمتني أبي موقع فيه كل شيء”، كنت ولا زلت أؤمن بأن تلك الحقبة هي ما يدفع المحتوى العربي ثمنه حتى الآن، حيث جعلت الإنترنت أداة ترفيه فقط، لم تكن هناك أي محاولات جادة لإثراء المحتوى العربي إلا من قبل قلة هواة وبشكل مبسط، ليست هي كما الآن في عصر المدونات والمواقع الإخبارية المحترفة.

لم يتبق من هشيم تلك الحقبة إلا المنتديات، والتي ومع الأسف مازالت تلقى رواجاً وزخماً كبيرين، وما يبعث على الأسف بشكل أكبر أن الجدوى التجارية لتلك المواقع هي الأجدى حتى الآن، فوجدت الكثير من الشركات نفسها تقوم بدعمها وتسويقها بغية المردود المادي وما ازداد بذلك الطين إلا ابتلالاً، تبقى المنتديات أداة مرغوبة من قبل الزوار ولكنها ذات محتوى ركيك ومبعثر، يختفي في ثناياها الكثير من المبدعين والذين يذهب إنتاجهم وإبداعاتهم في طي النسيان لسوء تنظيمها وعرضها للمحتوى، وفيما عدا ذلك تمتلئ بالمحتوى الرديء الذي لا يضيف كثيراً لصناعة المحتوى.

والآن في عصر المدونات والمواقع الإخبارية الاحترافية ارتفع مستوى الوعي كثيراً لدى المستخدم العربي، أصبح لديه انتقائية أكبر للمواقع التي يتردد عليها، وإن كان من ضمنها بعض المنتديات الكبيرة إلا أن كثيراً من مواقع المحتوى أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن تقديم محتوى مميز ومحترف بشكل مريح وواضح يثمر في عملية توجيه زوار أكثر لتلك المواقع، وإنه حقيقة لما يثلج الصدر أن تجد من عمل جاهداً لكسر قاعدة أن المنتديات هي الأفضل بغض النظر عن جودة المحتوى، الأمر الذي يبعث فيني شعوراً متفائلاً حيال مستقبل صناعة المحتوى العربي.

أعتقد أن الشواهد من حولنا تثبت أن عرض المحتوى بشكل فعال ومريح واحترافي يسهم بشكل كبير في نجاح المواقع وتفوقها، وإن كان المنافسون يتمسكون بأدوات العرض التقليدية إلا أن مستوى الوعي سيحتم عليهم إعادة النظر بأسلوب عرض المحتوى ونوعه، وكما كانت بعض التقنيات دارجة ورائجة فيما مضى، فهناك حتماً تقنيات أفضل تستجد وتأخذ بزمام الأمور، فالمحتوى العربي مقبل على فترة أحسبها مشرقة، كن جزءاً من هذا التغيير البناء، وتذكر دائماً أن المتميزين شكلاً ومضمونا هم من يحصدون الجيد من الثمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى