مقالات

وأد المحتوى

1

في أيام الجاهلية الأولى كانت المرأة تمر بمخاضٍ صعب لتنجب مولودة بديعة الشكل، فيأخذها أبوها ويدفنها حية، بسبب معتقدات ليس لها أساس من الصحة، وجاء نور الإسلام ليمحو هذا التصرف الهمجي.

أتمنى أن لا يكون مصير محتوى الانترنت العربي مماثلاً، حين بدأنا نصفق لبعض المشاريع تفاجأنا بقرار تنظيم النشر الالكتروني من قبل وزارة الإعلام، مع أنه لا يمس المحتوى العربي مباشرة لكنه سيتأثر كثيراً؛ لأن المحتوى العربي ليس ترجمة بحتة للمحتوى الأجنبي وإنما إثراء الانترنت بمشاريع عربية قوية في الشكل والمضمون، وربما قليلاً من النكهة المحلية لتلبي حاجات المستخدمين هنا وهناك.

العقول مستعدة للإنتاج، لكن القرار أصاب الكثيرين بالسخط، وهو من شأنه التأثير سلباً على نوعية الإنتاج؛ لأن معظم المدونات الغنية بالمواضيع في مختلف التخصصات تحوي تصنيفات اجتماعية قد يطالها مقص الرقابة. التصنيفات الاجتماعية هي منابر مصغرة ووجودها في المدونات جاء نتيجة حاجة الأفراد للشعور بالانتماء لمجتمع محلي، وإذا تضرر الجانب الاجتماعي من المدونة فسيتأثر الجانب المتخصص في أي مجالٍ كان.

استراتيجية مبادرة الملك عبد الله للمحتوى المحلي والعربي غير واضحة المعالم (لأن العمل عليها لا يزال جارياً) ونحن في حالة ترقب لقرار تنظيم النشر الالكتروني، لذا لا نستطيع الحكم على مستقبل المحتوى المحلي والعربي، إلا إذا تم عمل منافسات مستمرة لإثراء المحتوى العربي مثل الموجودة هنا، المنافسات بوجهٍ عام تشعل الحماس لمدة لكن سرعان ما يخبو، وهي وسيلة مؤقتة لإثراء المحتوى وليست حلاً دائماً.

المحتوى العربي في حال مرضي حتى الآن لكننا نطمع بالمزيد، كبداية فإن المواقع العامة كثيرة، لكن سأركز أكثر على المدونات المتخصصة لأنها تحتوي على لمسات شخصية للمدون، أو مجموعة المدونين المشاركين فيها وهو ما تفتقده المواقع العامة فهي معلوماتية بحتة، وعنصر التجديد أيضاً يلعب دوراً هاماً في حداثة معلومات المحتوى العربي فالمواقع تتعرض للهجر أحياناً، بينما المدونات في الغالب تقوم بتحديث أسبوعي أو مرتين في الشهر على أقل تقدير.

النصيب الأكبر من فطيرة المحتوى العربي صنعها ولا يزال يشارك في صنعها التقنيون وكل من له علاقة بالتقنية من قريب أو بعيد؛ نظراً لمعرفتهم التامة بإمكانيات الانترنت، فالمبرمجين والمطورين العرب ساهموا في رفع مستوى المنافسة، أما غير المتخصصين بالتقنية فقد استفادوا من أدوات موجودة سابقاً (خدمات التدوين المختلفة: wordpressblogger، أو ما شابه) لخدمة المهتمين بنفس تخصصاتهم ومجال عملهم. وهذه بعض قطع الفطيرة: مدونة التجارة الالكترونية، التسويق، قابلية الاستخدام، شعارات، الإدارة والهندسة الصناعية، ابتكار. وغيرها الكثير من المدونات الرائعة مما لا تتسع المقالة لذكرها.

أيضًا يحتوي موقع الفيس بوك وموقع تويتر على محتوى عربي ومحلي جيد، لكن ارتباطه بهذين الموقعين يجعلنا نشكك في مدى استمراريته واستقلاليته، بالإضافة إلى أن مستخدمي الموقعين يشاركون محتوياته المفيدة عبر الموقعين نفسهما في حلقة مفرغة وقليلاً ما تظهر لنا بعض المشاريع الرائدة خارج نطاقهما.

النقاط السابقة تفسر سبب قلة المدونات المتخصصة في مجالات أخرى غير التقنية، ولجوء الأغلبية للمنتديات العامة مما سبب فوضوية التعبير وتدني مستوى لغة الكتابة وانتشار ثقافة التحيز والتعصب، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لقرار تنظيم النشر الالكتروني. القرار الذي نأمل أن لا يتسبب (بوجهٍ أو بآخر) في وأد المحتوى المحلي لأنه لم يصل بعد إلى مرحلة ترضي غرورنا وتشبع فضولنا.

ختاماً: شكراً لخالد لافي، وهيفاء الزهراني على مساعدتي في جمع المعلومات.

مصدر الصورة

‫11 تعليقات

  1. الحقيقة أنا أعتقد أن المحتوى العربي في تقدم مستمر فكل يوم تجد مدونين جدد خصوصاً أن شركات الاتصالات بدأت بتطوير سرعات الإنترنت مما دفع الكثير لاقتحام هذا العالم والكثير منهم استطاع تخطي العقبات والوصول إلى الاحترافية وبدأ مشواره في تطوير المحتوى… أعتقد أننا العرب لدينا دافع قوي لإنتاج الكثير من المحتوى العربي وهو أن المحتوى العربي لا زال قليلاً مما شجعنا لبدء العمل لنكون من أوائل من ساهموا في إثراء المحتوى العربي وطرح معلومات ليست موجودة في الإنترنت العربي.

  2. كيف سوف يتقدم المحتوى العربي إذا وجد أشخاص مثل 3almatgnyh@ يقومون بسرقة الجهود العربية ونشرها في مدوناتهم الشخصية ماهو الدافع الذي يجعل المدون العربي يدون إذا عرف أن تدويناته سوف تسرق وقد تنسب إلى غيره أحياناً …. ويشاركه في مكاسبها مدونات أخرى وقد ينتشر ما كتبه في مدونة ليست له أكثر من مدونته ويصاب بالإحباط … بالطبع هذا سوف يدفعنا إلى التوقف عن تطوير المحتوى العربي … أتمنى أن تجدوا حلاً لمثل هؤلاء.
    http://3almatgnyh.blogspot.com/2010/10/blog-post_4705.html

  3. امممم الحقيقة من الآن أكاد أجزم أن القرار ليس إلا لتكميم أفواه و قتل أراء وإبداع الكثيرين ، فحين تكون وزارة الإعلام لدينا في السعودية مسؤولة عن النشر والمحتوى الصحفي نشاهد قمة السفه والصبيانيه الغير محدوده ، فما بالك حين يتدخلون كذلك في محتوى الإنترنت وسياسة خاصة بالنشر ، لكن لا أقول إلا ربي سلم سلم ربي سلم سلم.

  4. حقيقة لا يمكننا الحكم حالياً على قرار تنظيم النشر الإلكتروني كونه حتى الآن لم تقرر آلية العمل به والحدود والضوابط التي سيفرضها على المدونين ورواد النشر الإلكتروني وان كانت البوادر الاولى تشير الى محاولة تكميم الافواه بعد ان غيرت المدونات الاجتماعية طريقة تفكير المجتمع وأثرت فيه بشكل كبير لحد اصبحنا كـ مجتمع نميل للانفتاح على الآخرين وتقبل مفاهيم وثقافات لم نكن لنتقبلها في وقت سابق ! واضاف لنا الكثير من ناحية ثقافة الحوار واحترام الرأي الآخر مهما كان اختلافه لذلك فالقرار سيعمل على وأد كل ذلك واعادة ماكان سابقاً من سيطرة وزارة الاعلام على عقولنا وحشونا بأفكار معلبة وجاهزة تتوافق مع السياسة العامة للدولة ! , ولكن لا يمكن الجزم بذلك حالياً وسننتظر ونرى ما تسفر عنه الأيام القادمة .

    وكل الشكر لك اختي ايمان العبدان على ما تثرينا به كل فترة من مقالات شيقة ورائعة .. واصلي ولا تلتفي لتحبيط بعض الانهزاميين السلبيين .

    ولكِ منا كل الاحترام والتقدير ,,

  5. تنظيم او تشريع المحتوى الموجود في الانترنت صعب على وزارة الإعلام لانه لا يخص جهات داخل السعودية
    لذا يلجأون إلى الحجب والذي لا يعتبر حلا للتنظيم

    عموما الانترنت بحر مفتوح للجميع
    ولن يستطيع أحد تقييده بقيود دولة معينه
    وبالتأكيد انه سيأخذ صفات البحر بخروج الزبد وبقاء البحر كبحر
    وهذا يعني ان المحتوى الجيد سيثبت استمراريته مع الوقت

    بالتوفيق وشكر على على هذه المعلومات وهذا المقال الرائع

  6. السلام عليكم ورحمة الله

    انا تعليقي على هذه الحملة التي كتبتها يا أختي الكريمة :
    ولجوء الأغلبية للمنتديات العامة مما سبب فوضوية التعبير وتدني مستوى لغة الكتابة وانتشار ثقافة التحيز والتعصب، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لقرار تنظيم النشر الالكتروني.

    تعليقي عليها :

    لا ادري لماذا تستخدمين لغة الاجمال عندما تتكلمين عن المنتديات , انا دائما ما اشارك في المنتديات كما اشارك في هذه المدونة واتابع فيها مواضيع وورش تعليمية وسط جوي تعاوني مع عدد كبير من الزملاء العرب , ولم الحظ في هذه المنتديات جمل مثل : تدني مستوى اللغة أو انتشار ثقافة التحيز او التعصب , بل بالعكس في هذه المنتديات المتخصصة تستطيع اي عضو ان يفتح موضوعا فيها ويكتب رايه بكل صراحة وسط هذا الجو الاخوي والتعاوني

    طبعا انا لا اعمم هذا الكلام السابق على كل المنتديات , لان البعض منها ما هو الا نسخ ولصق من المواقع الاخرى ولا يوجد بها اي محتوى علمي مفيد , مثلها مثل بعض المدونات التي لو يغلقها اصحابها لكان افضل لهم ولنا .

    راي والله أعلم ان هناك منتديات اقل ما يقال عنها انها رائعة وهي تجمع كوكبة من الكتاب والقراء في مكان واحد لا يكون فيه لفرض الراي اي مكان , بل الجميع متساوون في كتابة ارائهم ووجهات نظرهم , والقارئ وحده يقرر يقرأ لمن .

    شكرا لكم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى