مقالات

مايكروسوفت تحاول إنقاذ أمريكا، فمن ينقذنا؟

مبادرة جديدة من شركة مايكروسوفت مساهمة منها في محاولة التخفيف من آثار الركود والأزمة الاقتصادية الضاربة بقوة هناك مع ازدياد عدد العاطلين عن العمل إلى خمسة ملايين مؤخرا وذلك من خلال رفع المقدرات والمهارات التكنولوجية لهؤلاء خاصة وللجميع بشكل عام من الموظفين والطلاب والعمل بدئا من الأساسيات كاستخدام الإنترنت والكمبيوتر إلى مستويات الحصول على شهادات مايكروسوفت ، وقد خصصت لذلك موقعا جديدا يرتبط بقاعدة بيانات ضخمة تابعة لمركز التعليم الإلكتروني الخاص بمايكروسوفت eLearning حيث يتيح هذا الموقع كورسات إلكترونية بمختلف تقنيات مايكروسوفت تساعد في تنمية مهارات العاطلين عن العمل والموظفين والطلاب وتهيئتهم لمرحلة جديدة تساعد في حصولهم على أعمال بسهولة وتخلق فرص عمل جديدة في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة امتدت للعالم كله، ووعدت مايكروسوفت بتقديم أكثر من مليون كوبون للوصول إلى مصادرها التعليمية المختلفة على شبكة الإنترنت بالإضافة إلى الاختبارات والشهادات، كل ذلك يتم بالتعاون مع الحكومات المحلية والمجالس للولايات المختلفة في أمريكا. (بقية المقال بعد الفاصل )

المراقبون يقولون أنه وبغض النظر عن هدف الحملة ونية مايكروسوفت منها سواء كان تسويقي بحت أو خيريا بالفعل لمساعدة العاطلين عن العمل وتنمية مهاراتهم التقنية فإنها جاءت في الوقت المناسب وفي قطاع يشهد نقصا حاداً في برامج التدريب ويحتاج بشدة إلى مثل هذه مبادرات ويكفي أن مايكروسوفت هي الشركة الأمريكية الوحيدة التي تبنت مثل هذه مبادرة في سوق التقنية الذي يصارع هو الآخر في هذه الأزمة وإن بدا الأقل تضرراً بين القطاعات الأخرى.

كم نحتاج في منطقتنا العربية لمبادرات مشجعة مثل هذه تساهم في رفع مهارات كوادر سوق التقنية الذي يزداد بوتيرة متسارعة في النمو لكن بشكل غير نوعي ،فالكثير من خريجي أقسام الهندسة والحاسوب ينقصهم التدريب اللازم للإبداع في سوق العمل ومجاراة التقنيات الحديثة فضلا عن مستويات جامعاتهم المنخفضة أصلا والتي لا تتيح شخص مؤهل كفاية للإبداع التقني ، هذا بالإضافة إلى موظفي وكوادر القطاعات الأخرى الذين يعانون نقصاً حاداً في التعامل مع مهارات الحاسوب في تسيير أعمالهم ومؤسساتهم في وقت غدا فيه الحاسوب مكون رئيسي في أي عمل وأي قطاع، فإذا كانت أمريكا بكل تقدمها التقني وجامعاتها الكمية والنوعية تعترف بحاجة موظفيها وأبنائها إلى التدريب المستمر فما حالنا نحن؟ وأي مستقبل للسوق التقني لدينا والذي يعتمد على الاستهلاك بشكل كبير دون الإبداع والإنتاج؟

في نظرة على مبادرات مايكروسوفت حول العالم في خريطة تفاعلية أعدتها نفسها، نجد أن نصيب العالم العربي قليل أو شبه منعدم من هذه المبادرات رغم ضخامة السوق التقني في العالم العربي والخليج خصوصا ، ولا أوجه اللوم هنا فقط لمايكروسوفت بل أغلب المسؤولية تقع على سياسات بيروقراطية ومتخلفة في دولنا وثقافة الكسل والاستهلاك التي لا تشجع أحد من الخارج على تبني مبادرات تقنية إبداعية في دولنا وانظر معي إلى التالي:

1– في المبادرات التعليمية قامت مايكروسوفت بعقد شراكات مع حكومات ووزارات التعليم وبعض المساهمين لتقديم مصادر وأدوات التعليم التقني وبرامجه المختلفة لتنمية قدرات الطلاب والمعلمين في هذا المجال وذلك في قسم كبير من الدول الأوروبية والهند وأستراليا وماليزيا والأرجنتين، ولا توجد دولة عربية واحدة!

وإذا نظرنا إلى مساهمات مايكروسوفت في ماليزيا مثلا نجد أنها وصلت بمجتمعها التقني خلال خمس سنوات إلى عشرة آلاف مدرسة وثلاثمائة وخمسين ألف معلم وخمسة ملايين طالب!

وإذا تركنا للأرقام أن تتحدث أكثر فإن مساهمات مايكروسوفت في التدريب التقني هناك قاربت المليار دولار ، وعدد مراكزها الإبداعية MIC بلغت اثنان ، وعدد موظفيها المقيمين هناك بلغ مائة وستة وثلاثين موظفا وعدد شركائها بلغ أكثر من ألفي شريك Partner فيما كانت المنافع الاقتصادية لماليزيا من هذه المساهمات ما يقارب ملياري دولار! فيما بعض العرب لدينا لا يزالون حتى اليوم يشتمون مايكروسوفت ويستهزئون بها وببرامجها دون أن يقدموا المفيد ودون أن يبدعوا حتى في مجالات أخرى!

2– في مجال الفرص الاقتصادية والوظيفية، لمايكروسوفت مبادرات في أغلب دول العالم تقريبا بما في ذلك إسرائيل وحتى مالي! ماعدا الدول العربية وقسم كبير من أفريقيا وجرينلاند!

3– في مجال الأمن المعلوماتي وحماية الإنترنت فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لمايكروسوفت مبادرات لها هناك مع بعض الدول القليلة حول العالم لكنها تشمل هذه المرة تونس بالإضافة إلى الهند وماليزيا.

4– في مجال الإبداع المحلي والبحوث، طبعا لا توجد أي دولة عربية بالقائمة، رغم وجود ثلاث دول أفريقية تعتبر متخلفة وهي نيجيريا وغانا ومالي وهذا المجال يشمل التعامل مع الجامعات وتقديم الأوراق البحثية ورسائل الدراسات العليا للمراجعة والمساعدة في تطويرها.

5– في مجال الحلول التقنية والذي يشمل أغلب دول العالم نجد القليل من الدول العربية تدخل بخجل إلى هذا المجال كمصر ولبنان والإمارات ويبدو لي أنه المجال الأضعف من بين مجالات مايكروسوفت الأخرى والأقل فائدة وعوائد.

توقف عزيزي..ليس في الأمر مؤامرة تنطلق من بعض العقليات المريضة ولا هم يحزنون، وإنما هذه الشركة لا تأتي ولا تستثمر في دول تعاني من أنظمة بيروقراطية متخلفة وسياسات قمعية وطلاب كسالى وشعوب استهلاكية نائمة.. السبب يعود لنا وإن لم نغير ما بأنفسنا فلن نتغير ولن يتغير الآخرون حولنا، وأتمنى حقيقة من الشركات التي تستهلك بالملايين في هذه التقنيات أن تتحول للمساهمة فيها وإنتاجها للحاق بركب التقدم والتطور بدلا من السكون والمراوحة في المكان بلا أي هدف!

‫4 تعليقات

  1. السلام عليكم
    بارك الله فيك اخي على طرح هذا الموضوع المهم
    المشكل اخي ايضا ان الدول العربية تملك الامكانيات المالية والموارد البشرية لكن كما قلت انت في مقالتك نحن شعب استهلاكي بدرجة اولى احب ان انوه هنا الى دور الجمعيات التنموية او حتى الحكومات الى توعية الشعوب وحثهم على الانتاج والابداع
    وكما قلت اخي الكريم التغيير يبدأ من الداخل
    شكرا

  2. السلام عليكم
    شكرا إخي على طرح الموضوع في وقته المناسب في ظل إزدياد فارق نبسة إستخدام التقنية مابين العالم الغربي والوطن العربي
    المشكلة أنه في الحكومات كيف ولا أن دول مثل نيجيريا و غانا مالي تمنح تأشيررات للتعلم بخارج الوطن للمتفوقين في دولنا العربية وبعد إكمال الدراسة تدعم مشارعيهم بينما بينما نحن فحدث ولا حرج…
    بالإضافة إلى موجة الإستهزاءات والشتائم في عالم التقنية العربي لشركة مايكروسوفت حيث أن اول شيء تتعلمه من تصفحك للتقنية العربية أن ميكروسوفت شكرة فاشلة وأنظمتها أيضا بدون سبب واضح !

  3. من اجمل ما قرأة
    اشكرك كثير
    والفترة القادمة اتدخل الدول العربية بشكل كبير في القائمة باذن الله

  4. السلام عليكم أخي أيوب..
    الموارد المالية والبشرية تصب وللأسف في غير أماكنها وإن أصبحنا نرى في بعض الدول العربية بدايات لمحاولة تصحيح ذلك بالإهتمام بالتطوير التقني وتنمية المواهب.. لكن للأسف الشديد حتى من يهتم بالتقنية يهتم بإستهلاكها فقط لا المساهمة في تطويرها وإبادع تقنيات وإختراعات جديدة وانت ترى حجم براءات الإختراع التي تصدر من العالم العربي كله سنويا مقارنة مع إسرائيل فقط.. شيء مخزي.. هل من المعقول أن شركة إتصالات عربية مشهورة تدفع عشرين مليون لتطوير موقع إجتماعي لدى أحد الشركات العربي!! ففي حين أجزم لو اعطوه لمايكروسوفت على كل شهرتها مثلا فلن يأخذوا خمس المبلغ هذا!! هذا هو الاستهلاك بحق..

    ======

    أخي خير الدين.. سأعطيك مثلا لموسوعة ويكيبيديا المفتوحة المصدر.. انظر إلى حجم المقالات العربية فيها مقارنة مع لغة ليس الإنجليزية فهي متفوقة ولا يمكن أن نقارنها بالعربية.. بل مع لغة ضعيفة اصطناعية حديثة تدعى فولابيك (المصدر: http://yaserxparabic.wordpress.com/2008/07/15/wikimania-2008/ ) حيث عدد المقالات التي بها أكثر من العربية بكثير!!
    من المسؤول عن هذا؟! ضعف الإهتمام الفردي.. انعدام ثقافة المشاركة ونشر العلوم والمسؤولية لك شخص منا عن هذا..
    نحتاج إلى جهود خرافية من كل منا لتصحيح الوضع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى