مقالات
لوحة المفاتيح تعشق قبل العين أحيانا
ذات يوم كنت أتصفح أحد المواقع الأجنبية وكان في أحد زواياه إعلان صغير لأحد الروايات التي تخص أبناء جلدتنا بنو التقنية.
قصة حب عن طريق الانترنت حدثت لأحد المبرمجين في أحد الشركات البرمجية, حيث تعرض هذا المبرمج بسبب هذه القصة لظروف صعبه أثرت عليه كثيرا في حياته وعمله, فتم طرده من الشركة التي يعمل بها, ومن ثم توالت عليه ظروف أخرى لم يوضحها الإعلان تشويقا للقارئ.
وحيث أنني لست من أولائك الذين تستهويهم قراءة الروايات, ولغتي الانجليزية ليست بكامل عافيتها, فلم ولن أبحث عن هذه الرواية, ولا أعتقد أنه سوف يأتي ذلك اليوم الذي أقتني به أحد الروايات أجنبية كانت أم عربية.
هذا الإعلان سرق مني بضع دقائق وأنا أتفكر في هذا الكائن العجيب (الإنترنت), وكيف أصبح هذا المجنون يحدد مصير إنسان بأكمله!.
في الماضي كان عامة الناس يستخدمون الانترنت كمجرد تسلية أو للاطلاع على بعض المعلومات البسيطة لا أقل ولا أكثر.
اليوم تغير الحال, بيع وشراء من خلال الانترنت, وظائف ومناصب تحصل عليها من هذا المكان, بشر غيروا ملتهم إلى أخرى فتغير حالهم ومصيرهم, ومجانين وعشاق كصاحبنا ذهبوا ضحية عشق فأصبحوا بين ضحى يوم وليله مثل من يجلس على الرصيف يبحث عن رغيف خبز.
قد نسمع بمثل هذا النوع من القصص, وقد يكون البعض منكم قد عايشها أو لربما يكون أحد ضحايا هذه المصيبة مصيبة الحب الأعمى , التي قذفت بالكثير خارج دوامة الأرض ورحلت بهم بعيدا إلى عالم المجهول, تجرد من بصره واكتفى بقلبه وأصبح يردد الحرف يعشق قبل العين أحيانا.
الآن يوجد الكثير من البشر يعيشون على كوكب الانترنت, وكونوا حياة خاصه بهم, ووجدوا المكان المناسب للعيش هنا.
ياترى ما الذي جعلهم يستمرون في العيش هنا؟
أنا على يقين بأن الحرية هي الكنز الذي جعل هؤلاء البشر يستمرون في الاستيطان على الانترنت والجلوس أمام كائن جامد أكثر من نصف العمر, يعتريهم الشوق إلى حد الهيام, ويسيرون على الأرض بدون رغبة عندما لايجدوا مركبا يعيدهم إلى هذا الكوكب.
في الانترنت لا أحد يستطيع أن يمنعك من كتابة ماتريد إلا أنت, وأنت فقط هو من يملك القيادة لا أحد سواك.
اذهب إلى ماتريد إلى أي موطن تشاء, حدث ماتريد من الشعوب, الحمقاء والمجانين والعظماء والأدباء والمبدعين الكل ينتظرك في هذا الكوكب العجيب, اذهب إلى من تشاء.
ولكن تذكر دائما… أنه يوجد الآن من هو بعيد كل البعد عن حياة الأرض, وأصبح يعيش خارج الواقع الحياتي. سافر إلى كوكب آخر لا يعلم متى يعود, ولا يعلم هل لديه القدرة أم لا للعودة إلى موطنه الأصلي (الأرض).
من منا ينكر أنه في هذا المكان فقط ولاغير .. هناك ما يشبه السحر ذهب بنا بعيدا عن الأرض وحدثنا بهدوء قائلاً:
أنت باق هنا لاخلاص ,لا مفر إنه مصيرك, هذا هو قدرك, عندما يموت الإنترنت حينها قد تعود إلى الأرض.
لا مجال للعودة ولا تفرط بمن عرفت هنا, لأن من يعيشون على الأرض لايرغبون في عودتك.
هنا على كوكب الانترنت البشر أكثر وفاء وعطفا من أي مكان آخر, لادماء تنزف ولا مكان للقتل.
الأرواح جميله لاتؤذي كثيرا, وتنسى مافات وتسامح بسهوله, مجرد عبارات من الأسف قد تكفي.
صدقني استمر هنا, لاتفكر في العودة أبدا فأنت مجنون في نظر أهل الأرض.