مقالات

هل تقوم خاصيّة منع التعقّب ” Do not Track ” في المتصفحات بحماية خصوصية المُستخدم؟

نسمع كثيرًا عن آليات تعقّب نشاط المُستخدمين على الإنترنت بحجّة دراسة سلوكهم وتفضيلاتهم لعرض إعلانات تتناسب مع اهتماماتهم والأمور التي قاموا بالبحث عنها أثناء تصفّح الإنترنت. ومن أجل ذلك يتم تخزين ملفات مؤقتة على حاسب المُستخدم لرصد المواقع ونوعها بالإضافة إلى كلمات البحث، بعدها وعند زيارة موقع جديد يتم الاستفادة من هذه المعلومات وعرض إعلانات بشكل فوري تتناسب مع نشاط المُستخدم خلال الساعات أو الأيام القليلة التي مضت.

ومن أجل ذلك وفّرت الشركات القائمة على تطوير متصفحات مثل جوجل كروم، وسفاري، وإيدج، وفايرفوكس، وغيرها الكثير، خيارًا بعنوان منع التعقّب ” Do Not Track Me ” لمنع الجهات الإعلانية أو شركات تحليل نشاط المُستخدم من تعقّب نشاطه على الإنترنت ومنحه تحكمًا أكبر بخصوصيته.

لكن السؤال الأبرز هل فعلًا تقوم هذه الخاصيّة بمنع تعقّب نشاط المُستخدم على الإنترنت؟ وإذا كانت تقوم بذلك بالفعل، لماذا تظهر إعلانات مُتعلقة بمواقع أو كلمات بحث قُمنا بكتابتها مُسبقًا؟

للإجابة على هذا السؤال نحتاج للعودة إلى تعريف خاصيّة منع التعقّب الوارد في المستندات الرسمية لها، حيث عُرّفت على أنها تقنية وساسية استخدام مُقترحة تسمح للمُستخدم بمنع طلبات التعقّب الواردة من المواقع التي يزورها عندما تكون تلك الطلبات قادمة من جهات ثالثة إعلانية أو تحليلية أو حتى شبكات اجتماعية.

أما آلية عمل هذه التقنية فهي قائمة على إضافة تعليمات في رأس الطلب HTTP header تُخبر الموقع بعدم إرسال أية ملفات مؤقتة تابعة لجهات خارجية احترامًا لطلب المُستخدم، هذا يعني أن المُستخدم بعد تفعيل الخيار يجب أن يكون بمأمن من تعقّب نشاطه على الإنترنت.

هذا المُقترح التقني تم تقديمه إلى وكالة التجارة الفيدرالية FTC المسؤولة عن هذا النوع من الأمور في العادة، حيث عملت على تأجيل النظر فيه لأكثر من مرّة ثم قامت بتحويله إلى جمعية الويب العالمية W3C للنظر فيه وإقرار المعايير القياسية وما إلى ذلك.

المُضحك في الأمر أن جمعية الويب تتحكم بها شركات مثل فيسبوك، جوجل، نت فليكس، بي بال، ياهو، تويتر، إي باي eBay وغيرها الكثير، وبالتالي جميع هذه الشركات تستفيد بنسبة كبيرة من الإعلانات، وإقرار قانون يمنع جمع بيانات المُستخدمين سوف يضرّها بكل تأكيد.

مايكروسوفت عند إطلاق إنترنت إكسبلورر 10 وفّرت هذه الخاصيّة وقامت بتفعيلها بشكل افتراضي، على عكس بقية المُتصفحات التي تطلب من المُستخدم تفعيلها بشكل يدوي، حيث ترى مايكروسوفت أن المُستخدم يجب أن يُقرر بشكل يدوي إذا ما أراد مُشاركة بياناته مع الشركات وليس العكس. الغريب أن اتحاد الإعلانات الرقمية احتج على هذه المُمارسة من مايكروسوفت ودخل معها بأمور قانونية لتضطر مايكروسوفت إلى الاستجابة وعدم تفعيل الخاصيّة بشكل آلي.

لكن وقبل الشعور بالتفاؤل حول وجود خطوات جديّة صرّحت مايكروسوفت قبيل ذلك أنها لن تقوم بالاهتمام بالطلبات القادمة التي تطلب منع تعقب المُستخدمين لأنها غير مُشرّعة بشكل رسمي، وبالتالي مايكروسوفت تبنّت التقنية في اكسبلورر 10 ولكنها في خدماتها لم تقم بالعمل فيها لعدم وجود تنظيم رسمي حتى اللحظة.

باختصار، لا تعمل خاصيّة منع التعقّب أبدًا ولا تمنع طلبات مراقبة نشاط المُستخدم وما إلى ذلك، لذا ساستعرض معكم بعض الطرق للحماية من طلبات التعقب بشكل يدوي :

  • البداية تكون من خيارات المُتصفح وتحديدًا الملفات المؤقتة Cookies، حيث يجب تفعيل خيار عدم السماح للطرف الثالث 3rd Party بتخزين ملفات مؤقتة على الجهاز، لأن الطرف الأول هو الموقع الذي نقوم بزيارته لكن الطرف الثالث هو أي خدمة إعلانية أو خدمة تحليل نشاط.
  • استخدام إضافات مثل Disconnect المتوفرة لجوجل كروم، فايرفوكس، بالإضافة إلى سفاري وأوبرا Opera.
  • استخدام مُتصفحات موجهة لحماية الخصوصية والأمان، لكن في هذه النقطة لا ضمانات أيضًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى