مقالات

“بوكيمون – جو”: بين المخاطر الفعلية وفُقاعات الهوس الإعلامي !

Image 1

ما لم تكن في عُزلة تامة عن العالم خلال الأسبوعين الماضيين، فإنك ولا شك قد سمعت عن لعبة الواقع الإفتراضي المُعزز “بوكيمون – جو” التي أحدثت ضجة هائلة هزت عالم التقنية، بل والعالم أجمع. ولا يرجع السبب في تلك الضجة التي أحدثتها اللعبة فقط للأرباح الغير مسبوقة التي حققتها، والتي قُدرت بزيادة مُباشرة لأسهم الشركة المُنتجة، “ننتندو”، بلغت ٩ مليارات دولار وفقا لأحدث تقييم، ولا الى عدد مرات التحميل التي بلغت ١٥ مليون مرة خلال تلك المُدة الوجيزة، ولكن يرجع السبب في تلك الضجة بالأساس الى كون اللعبة تلفت الأنظار الى سوق جديدة بالكامل وتفتح آفاقا واسعة للتسويق والإستثمار في مجالات الواقع الإفتراضي والواقع المُعزز بعد أن أصبحت، بصدور تلك اللعبة، مجالات شعبية يُقبل الجميع على إستخدامها بعد أن كانت حكرا على صفوة محدودة من المهووسين بالتقنية.

تزامنت تلك الشعبية المُتنامية للعبة “بوكيمون – جو” بطبيعة الحال مع موجة من الهوس الإعلامي الذي يتحدث عن مخاطر خفية تحملها اللعبة تتعلق بمجالات خصوصية المُستخدمين، ومُشاركة بياناتهم الشخصية مع العالم. وفي حين تحمل الغالبية العُظمى من تلك التقارير الإعلامية الغير دقيقة، من قبل العديد من وسائل الإعلام التقليدية، مُغالطات كبيرة تتعلق بحجم تلك المخاطر، وطبيعة البيانات الشخصية للمُستخدمين التي يتم بالفعل إستخدامها من قبل الشركة المُنتجة للعبة، وغيرها من التطبيقات التي رُبما لا تحظى بنفس دائرة الإهتمام الإعلامي، إلا أنه تبقى بالفعل هناك بعض الحقائق التي يجب أن تحظى ببعض الحذر من جانب المُستخدمين لكي لا يتعرضوا لمخاطر لا تتعلق باللعبة نفسها، وإنما قد تنتُج عن عدم الفهم الكامل لبية اللعب الجديدة المُعتمدة على الواقع الإفتراضي.

لا أميل، شخصيا، مُطلقا الى الإعتقاد بوجود مخاطر فعلية للكم الهائل من المعلومات التي تجمعها بالفعل الشركات المُنتجة والمُشغلة لألعاب مثل “بوكيمون-جو” عن مُستخدميها، برضاهم التام بعد موافقتهم على شُروط إستخدام كل من هذة المُنتجات. ذلك أن طبيعة جمع وإستخدام المعلومات الخاصة بالمُستخدمين من قبل كافة الشركات العالمية تصُب بالأساس تجاه المصلحة التجارية لتلك الشركات، ولا تتضمن سياسة إستخدام تلك المعلومات في أي حال بيعها الى جهات أُخرى، أو حتى التعامل مع تلك البيانات بشكل مُنفرد يسمح بتتبع سلوكيات كُل مُستخدم على حدة أو تعقُبه. وتتعامل الشركات التجارية الكُبرى مع البيانات وفقا لما يُسمى بمفهوم “المعلومات الكبيرة – Big data”، وهي آلية لتحليل أطنان من المعلومات بما يسمح لتلك الشركات بالإستفادة تجاريا وإعلانيا من مُنتجاتها، مثل تحليل فئات المُستخدمين العُمرية الاكثر إقبالا على إستخدام اللعبة، والدول التي ينتمون إليها، والمُنتجات التي رُبما يهتمون لها في حال تم إستهدافهم إعلانيا.

ولكن ذلك في حقيقة الامر لا ينفي وجود بعض المخاطر الفعلية التي أشارت إليها “هيئة تنظيم الإتصالات الإماراتية” في بيان لا أملك سوى أن أوجه له الكثير من الإحترام والتقدير. وتتلخص تلك المخاطر بإختصار شديد في الآتي:

  • تحميل تطبيقات ضارة عن طريق الخطأ رُبما تحمل إسم اللعبة ذاته، أو إسم مُشابه، من خلال متجر التطبيقات المحلي في مُعظم الدول العربية، حيث أن لعبة “بوكيمون-جو” لم يتم إطلاقها رسميا في أي من المتاجر العربية المحلية حتى الآن
  • إستخدام تطبيقات وألعاب الواقع الإفتراضي والمُعزز، والتي تنجح في السيطرة على تركيز مُستخدميها بشكل تام، أثناء القيادة أو حتى المشي في الطرقات دون إنتباه الى حركة المرور وما ينتج عن ذلك من مخاطر فعلية على المُستخدم ومن هم حوله
  • الإنطلاق وراء اللعبة تماما دون الإلتفات الى الأماكن التي يقوم المُستخدم بزيارتها أثناء اللعب، وهو ما قد يُؤدي به الى أماكن خطرة أو غير آمنة

ختاما، لا تحمل التقنية بذاتها مخاطر أو أضرار، ولكنها مثلها في ذلك مثل غيرها تُتيح للمُستخدم المزيد مما يُمكنه القيام به، وينبغي على المُستخدم على الدوام أن يُخضع كل ما يقوم به لحُكمته الشخصية قبل القيام به.

اظهر المزيد

‫5 تعليقات

  1. هي في النهاية .. اللاعب يجب أن يكون واعيا و لا يلقي اللوم على اللعبة .. و بالنسبة للتطبيقات المزيفة فنعم ففي جوجل بلاي فوجئت بثلاث تطبيقات أخرى تحمل نفس الاسم و الحل الذهاب لموقع اللعبة و الضغط على رابط المتجر مباشرة و إن لم ترغب بتحميله ضعه في التفضيلات .. لدي برنامج لفك الحظر التطبيقات من جوجل بلاي و هو محظور عندي بحجة المنطقة الجغرافية و لكن … لا أنصح هذه المرة بفك الحظر كما نفعل عادة لأن التطبيق يعتمد على الخرائط مع أن لي صديق فعل ذلك و أمسك بـ 5 بوكيمونات دون أن يتحرك حتى من مكانه و مع ذلك لا ننصح

  2. كلمة (هوس) في عنوان المقال.. في ظني غير معبرة! وهي تعني (الجنون بالشيء) فالهوس الإعلامي يعني الحب الجنوني للاعلام! فما مدى مناسبته للموضوع!! ولعل الأولى (التضخيم الإعلامي) أو (التزييف الاعلامي)!! أما في المقابل لها فهذا ليس هوسا بقدر ما هو نوع من (الفوبيا) الخوف المرضي من اشياء معينة.. !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى