مقالات

هل نُدرك حقًا حجم خطورة إنترنت الأشياء IoT؟

إنترنت الأشياء

غيّرت الثورة التقنية التي حصلت في الخمس سنوات الأخيرة مفهوم الحوسبة بشكل كامل، فبعدما كان التركيز مُنصبًّا على الحواسب المكتبية، والهواتف الذكية، والحواسب اللوحية، انتقل ليأخذ أشكالًا أقرب للمُستخدم من خلال الأجهزة القابلة للإرتداء التي بدأت بالتكوّن منذ إصدار نظارة جوجل بجيلها الأول.

ورافقت هذه الفترة تقدمات في مجال الصناعة التقنية حيث تمكّنت الشركات من صناعة شاشات تعمل باللمس قابلة للإنحناء وبالتالي تم التوجه نحو الساعات الذكية التي طُرحت للمُستخدمين للمرة الأولى في عام 2013.

وبين أجهزة الحواسب التقليدية والأجهزة الذكية القابلة للارتداء ظهر مفهوم إنترنت الأشياء مانحًا التقنية بُعدًا آخر، فلم يعد استخدام هذه الأجهزة يقتصر على المُستخدم نفسه، بل أصبح بإمكانه التحكم بما يُحيط به، وهو ما اتجهت نحوه الكثير من الشركات مثل جوجل، وسامسونج، وآبل.

إنترنت الأشياء يعني بشكل مُبسّط إمكانية التحكم بالعناصر الموجودة حولنا مثل الإضاءة، التكييف، النوافذ أو حتى مواقد الطهي ومُحضّرات القهوة، حيث يُمكن تثبيت تطبيق على الهاتف أو الحاسب لتظهر لوحة من الخيارات – تُشبه التي شاهدناها في الكثير من الأفلام – لتنفيذ العملية حتى دون التواجد في المكان نفسه.

عملت جوجل على إضافة مكتبة برمجية داخل نظام أندرويد للتواصل مع هذا النوع من الأجهزة، تمامًا مثلما هو حال آبل في نظام آي أو إس، وتولّت شركات مثل سامسونج تصنيع أجهزة المنزل الذكي لتستفيد من المكتبات البرمجية وتمنح المُستخدمين تحكّمًا أكبر.

الاندفاع نحو تبني إنترنت الأشياء مُبرر، فالهدف الأول من التقنية ووجود الحاسب هو تسهيل حياة المُستخدم ومُساعدته في شتّى المجالات وهو مانجحت جميع الشركات في تحقيقه حتى هذه الحظة. لكن ماذا عن مستوى وحجم خطورة هذا النوع من التقنيات على حياتنا اليومية ؟

عند استعراض مجموعة الأخطار التي يُمكن أن تُحيط بنا عند استخدام الشبكات الإجتماعية أو الأجهزة الذكية نجد أن أكثر ما يُقلقنا كمُستخدمين هو موضوع الخصوصية والأمان، حيث تتفاوت نسبة الخطر، لكن تسريب بيانات شخصية هو الحد الأعظم لها والذي يُمكن التحكم به، فعند تسريب بيانات البطاقات الإئتمانية على سبيل المثال يُمكن التوجه إلى المصرف لإلغاء البطاقة فورًا.

وإلى جانب تسريب بيانات المُستخدم ظهرت العام الماضي أنواع جديدة من هجمات الاختراق تُعرف باختراقات الفدية Ransomware، حيث نجح مجموعة من المُخترقين في قفل بعض أجهزة أندرويد وطلبوا فدية مالية مُقابل إعادة فتح الجهاز الذي لا يُمكن للمُستخدم السيطرة عليه من جديد إلا من خلال دفعها أو إعادة تثبيت النظام بشكل كامل وفقدان البيانات كاملة.

قد تختلف درجة أهميّة البيانات الموجودة على الجهاز لكنها لا تُعتبر حسّاسة لدرجة كبيرة جدًا مثل خطورة المرحلة التي سوف نُقبل عليها مع انتشار إنترنت الأشياء والمنازل والمكاتب الذكية بشكل أكبر.

اختراقات الفدية التي نُفّذت على الهواتف الذكية ما هي إلا استعراض بسيط لشكل الاختراقات الذي سوف تحصل في المُستقبل، وبالتالي وعند ربط منازلنا أو مكاتبنا بالأجهزة الذكية نكون قد عرّضنا مُحيطنا بالكامل للخطر وليس فقط مجموعة من الصور والرسائل.

لو نجح أي مُخترق في الوصول إلى الشبكة الموجودة في المنزل والمُستخدمة مع أجهزة إنترنت الأشياء مثل أجهزة التكييف أو أجهزة الكشف عن الحرائق فإن العواقب قد تكون وخيمة جدًا ولا يُمكن تخيّلها لأنها لن تقف عند هذا الحد فقط.

التحكم بأقفال الأبواب، تشغيل السيارات عن بُعد أو حتى فتح وإغلاق النوافذ وأنظمة الصوت داخل المنزل قد تتعرض للاختراق بشكل كامل وبالتالي سيُصبح المُستخدم مُرغمًا على دفع الفدية بسرعة لأنه لا يوجد وقت للتفكير بالحل الأمثل إلا لو وفّرت الشركات التقنية حلولًا للسيطرة على هذه الأنظمة بشكل يدوي وداخلي.

التطور التقني دائمًا ما يُدهشنا ويُقدم لنا أشكالًا جديدة لم نكن نتخيّل أن نصل إليها في حياتنا، لكن وبما أنه بدأ بالوصول إلى الأشياء المُحيطة بنا، يجب علينا التريّث قليلًا وإعادة التفكير في طريقة النظر إلى هذا التطور.

عند صدور حاسب أو هاتف جديد ننجذب نحو المواصفات أولًا، وبعد الحصول عليه قد تظهر مشاكل أمنية أو مشاكل في الاستخدام لكن في الغالب يكون الحل بتثبيت بعض التطبيقات التي تجعل تجربة الاستخدام أفضل، لكن هذا المنطق يجب أن ينقلب مع المفاهيم الجديدة.

ارى أن الخطوة الأولى يجب أن تبدأ من فهم طريقة عمل هذه الأنظمة والطريقة الأمثل لحمايتها من الاختراقات ثم ننتقل بعدها لاختيار النظام المُناسب وتركيبه في البيئة الخاصّة بنا، لكن أن نقوم بشراء الأجهزة وإعطاءها تحكمًا كاملًا بحياتنا دون فهمها جيّدًا، قد يفتح أبواًبًا لا يرغب أحد في أن تُفتح عليه.

‫2 تعليقات

  1. أظن بأن كثير من المخاوف في المقال ستتبدد في الوقت الذي تنتشر فيه انترنت الأشياء انتشاراً حقيقياً واسعاً، والذي لا أظنه سيكون قبل خمس سنوات من الآن، إلا أنه من المحال أن تنتشر هذه التقنية من دون أن يتم توفير حلول مقنعة ومعقولة للحماية والأمان، بالتأكيد لن تكون حلول كاملة كما هو معروف إلا أن الحلول ستكون كافية ومقبولة نسبياً من وجهة نظري على الأقل.

  2. ليست المشكلة بالخروقات….المشكلة الاكبر هي انك انت كانسان ستكون مربوط بالانترنت…اي انك ستصبح شيء كباقي الاشياء…و لها ابعاد اخرى كالرسائل و الاشارات الضمنية التي يمكن ان توجه اليك من دون علمك…فالمهم ادراج هذه التكنولوجيا تحت قوانين تضمن حق الانسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى