مقالات

بيع الوهم على شبكات التواصل الاجتماعي

oa_SocialFake

يطلب: احتاج بعض الوهم ،، من عنده القدرة على تزويدي بكمية كبيرة من الوهم
– أحدهم: بإمكاني دعمك بقصعة كبيرة من الوهم مقابل 10 دولارات
– آخر: انا أعطيك برميل كبير من الوهم مقابل 5 دولارات فقط
– السائل: هل هو وهم حقيقي أم وهم واهم ؟
– بل هو وهم أصلي من مزارع انتاج الوهم المتخصصة

شخص آخر يغرد خارج السرب: يا ناس يا عالم إنه مجرد وهم
جميعهم: يا هذا ،، ابتعد عنا ،، لا تقطع أرزاقنا

وتستمر مسرحية (الوهم)

نعود بكم أعزائنا القراء بعد هذا الفاصل المسرحي البائس والذي يستمر يوماً بعد يوم في واقعنا الرقمي ،، انه بيع الوهم في الشبكات الاجتماعية ،، بيع الإعجابات واللايكات ، بيع المتابعين والمغردين ،، سوق منتعش على شبكة الانترنت يبيع فيه بعض الناس آلاف من المتابعين على تويتر أو آلاف من المعجبين على الفيسبوك بمبالغ بسيطه ، ثم ظهرت شبكة الإنستقرام فظهر بيع الوهم معها أيضاً ، وكلما ظهرت شبكة اجتماعية جديدة وذاع صيتها ظهر لنا سوق بيع الوهم بجانبها من جديد.

ليس هذا هو التسويق

في الأخير يجب أن يكون هنالك غاية وهدف من وراء مئات الآلاف من المعجبين أو ملايين المتابعين ،، ماهو الهدف ؟ إنه التسويق ، هذا هو المقصد الأخير ،، سواءً كان تسويق منتجات او علامات تجارية أو أعمال شخصية أو حتى تسويق الذات على هذه الشبكات الاجتماعية.

فإذا كان التسويق هو الهدف فأبداً ليست الوسيلة بهذه الطريقة ،، ان يتم كسب المعجبين والمتابعين الغير مهتمين أو الوهميين.
طبعاً كلمة وهميين لم تعد موجودة في قاموس التسويق الاجتماعي ،، فكل من يقدم خدمات بيع الوهم يتعهد للمشتري مرات عديدة أن هذه الحسابات هي حسابات حقيقة وليست وهمية ،، لكن المشكلة هو في تعريف الوهم وتعريف الحساب الوهمي.

لا نقصد بالحساب الوهمي أنه حساب عائم ليس لديه صاحب ولم يقم بإنشائه شخص فعلي حقيقي على هذا العالم ،، لكن الحساب الوهمي هو الحساب الذي أنشئ بهدف زيادة المعجبين ،، الغرض منه هو الانضمام إلى طابور الحسابات التي تستخدم في بيع الوهم ،، من أجل زيادة العدد فقط ،، حسابات لايقوم أصحابها باستخدامها بشكل طبيعي وواقعي ولا يتفاعلون باهتمام مع تلك الصفحات التي يشتركون فيها او الحسابات التي يتابعونها.

كذلك الأشخاص الذين يقومون بالمتابعة والمشاركة بدون دافع حقيقي لعمل هذا أو قناعة بقيمة هذه الصفحة او هذا المنتج او هذا الحساب الذي بين أيديهم ،، فقط من أجل كسب المال ، هم أيضا يعتبرون حسابات وهمية في مجال التسويق الحقيقي ولو كانت حساباتهم نشطة وحقيقية ،، لأن التسويق يعتمد على الإقناع الذي ينبع من الداخل ،، ان تقتنع بي أو بمنتجي ثم تؤدي هذه القناعة إلى أن تقوم بالنقر على زر الإعجاب او المتابعة ،، أما ان تقوم بالنقر على تلك الأيقونة بدون أن تدري ما بداخل الصفحة أصلاً لأنك غير مهتم ،، فهل هذا يعتبر تسويق؟

إجرائات من قبل الشبكات الاجتماعية

لقد انتشر هذا المجال في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، مجال التسويق والإشهار عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، بعض الناس يرون فيه فرصة كبيرة بسبب كمية المستخدمين الهائلة الذي تجمعه هذه الشبكات تحت مظلاتها ،، وحيثما وُجِد الزحام ، وُجِدت الفرص أيضاً، والتسويق والإشهار يعني الكسب والربح.

ليس هنالك مشكلة في التسويق بحد ذاته ،، انما المشكلة في بعض الطرق التسويقية التي يراها البعض لا أخلاقية ،، أو التي تعتمد على إزعاج الآخرين ، أو تلك المرتكزة على جهل البعض ويمكن اعتبارها نوعاً من النصب والاحتيال.

لذا نجد أن بعض الشبكات الاجتماعية قد بدأت في إيجاد حلول لهذه المشكلة ، فمثلاً الفيسبوك بدأ في حذف اعجابات الحسابات الغير نشطه ،، ومن قبله شبكة انستقرام الذي حذف ملايين الحسابات من على شبكته. هذه الشركات تستمر في إيجاد حلول لتقف ضد ألاعيب التسويق ،، وبغض النظر عن هذه الإجرائات ، فما الفائدة في البقاء في لعبة القط والفأر وتضييع اعمارنا في هذا الوهم.

إن هذه الإجرائات التي تقوم بها هذه الشبكات يؤثر أحياناً على المستخدمين العاديين، كلما زاد التلاعب كلما اتخذت اجرائات أكثر تشدداً وأحياناً تسري على الجميع وتضر الجميع ،، هل تذكرون في الماضي عندما كانت صفحات الفيسبوك تتيح حرية أكبر في اضافة الأكواد إليها ، كانت هذه الميزه قوية ومفيدة جداً ، لكن حينها انتشرت صفحات الفيسيبوك الخداعة التي كان اصحابها يخدعون ويكذبون على الناس بهدف التسويق والإشهار ،، بعد ذلك قامت إدارة الفيسبوك بإلغاء تلك الخاصية وحرم الجميع من فائدتها.

هل يريدون أن يشتروا الوهم ؟

قد يقول قائل: هنالك من يطلبون شراء الوهم بمحظ إرادتهم ،، ونحن نحقق لهم رغبتهم هذه ، المشكلة عندهم وليست عندنا ، وللرد على هذا القول ،، دعونا نفرق بين الأشخاص الذين يشترون الوهم على شبكات التواصل الاجتماعي:
– بعضهم قد لا يدري طبيعية هذه الحسابات التي تتابع حسابه او تعجب بصفحته ، ولا يفهم أنها حسابات خاصة بالبيع والشراء ،، او حسابات غير مهتمة
– البعض الآخر لا يفهم التسويق الاجتماعي بشكل جيد ،، يعتقد أن الهدف هو زيادة عدد المتابعين وفقط

أخي بائع الوهم: لا تفكر بطريقة (رضى العميل) ، بل اهتم ان تكون انت راضٍ عما تعمل ، لا تقل لي أنه ما دام العميل راض عن هذه الخدمة فهذا كل شيء،، رضاك عن عملك أهم من رضى العميل ،، فهل ترضى أن تبيع الوهم ،، انت تعلم ان هذه الأرقام التي تصعد في خانة المتابعين والمعحبين لا تفيد في شيء فهل أنت راضٍ عن هذا العمل الذي لا يؤدي إلى فائدة وعن هذا المجهود الذي ليس له جدوى؟

ماهو البديل

البديل موجود ومتاح في معظم الشبكات الاجتماعية ،، يمكنك أن تقوم بعمل حملات اعلانية رسمية في الفيسبوك أو تويتر ، وسوف ينجذب إليك من يقتنع بك أو بمنتجك ، هذا هو السبيل الأفضل والتسويق الآمن الذي يعيد بالنفع الحقيقي على المنتج او الشركة أو الشخص. قد يكون اكثر كلفة من بيع الوهم ،، لكن ما الفائدة في الوهم حتى وإن كان مجانياً.

البديل الحقيقي هو أن يتم توظيف أناس متخصصون في التسويق الالكتروني في الشركات والمؤسسات ،، التسويق ليس أن تكسب المعجبين والمتابعين وانتهى الأمر ،، التسويق علم كبير وفلسفة عميقه ، لا يجب أن تستخف الشركات بهذا الأمر أو تطرق الباب بأسهل وأرخص طريقه ، إن كانت مهتمة فعلاً بالتسويق الاجتماعي.

أما في الجهة الأخرى ،، فالبديل هو أن نقوم بأعمال ذات قيمة وفائدة حقيقية ، أن نبحث عن طريق آخر لتقديم الخدمات التسويقية وما أكثرها ،، ليس هنالك باب واحد للعمل والكسب ، ليس هنالك طريقة واحد للفاعلية والإنتاج ،، بل الطرق كثيرة لا تحصى ، والأعمال وفيرة لا تعد، وخاصة في عصرنا الذي نعيش فيه،، علينا فقط أن ننفظ غبار الكسل وان نتعلم ونثابر ونعطي ، وبقدر عطائنا سنحصل على ما نستحق ، لأن الله كريم يقابل الإحسان بالإحسان.

القيمة قبل كل شيء

لقد أتينا إلى هذه الأرض لنترك شيئاً ذو قيمه ، لنعمل عملاً يُنتَفعُ منه ، يجب ان نفكر في اعمالنا كلها بهذه الطريقه وأن نتأمل الناتج من ورائها ،، لا تجعل همك الأول والأخير هو العائد المادي ، فهذه أرزاق قد تكفل بها الله سبحانه ،، إنما يجب أن نفكر أولاً وقبل كل شيء بالفائدة من أي عمل نقوم به ،، فائدة تعود على الشخص نفسه او على غيره أو على المجتمع ،، أن نفكر في الجدوى من أي عمل ننجزه.

وعندما نهدر بعض أوقاتنا ، ويهدر الآخرون بعض أموالهم ثم في الأخير لا يوجد فائدة حقيقة ، ولا جدوى من هذا العمل ، فحينها ، نحن نسلك الطريق الخطأ ونضيع أعمارنا ونعمة الحياة التي وهبها الله لنا ،، بغض النظر عن كون بعض المستخدمين يعرف او لا يعرف ، فما دمنا نحن نعرف ان لا جدوى من هذه الإعجابات والمتابعات ، فمن الأفضل ان نبحث عن طريق وعمل آخر يكون ذو قيمه حقيقة.

مصدر الصورة: FreePik

‫7 تعليقات

  1. ” قد أتينا إلى هذه الأرض لنترك شيئاً ذو قيمه ، لنعمل عملاً يُنتَفعُ منه ،
    يجب ان نفكر في اعمالنا كلها بهذه الطريقه وأن نتأمل الناتج من ورائها ،،
    لا تجعل همك الأول والأخير هو العائد المادي ، فهذه أرزاق قد تكفل بها الله
    سبحانه ”

    لا فض فوك ، كلام جمييل جدا والمقتبس من كلامك جلست لثواني اتامله واستدرك ابعآدهه بحيآتي ،

    شكرا لك اخوي عمر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى