مقالات

فيسبوك والواقع الافتراضي

لم أتعرّف على كلمة الواقع الافتراضي إلّا من وقت قريب، لكنني أدركت معناه منذ الصغر، ربما كوني طفل ذو خيالات شاسعة لا تقف عند حد مُعين! فقد حلمت يومًا بالانتقال من مكان إلى مكان آخر في لمح البصر – قبل أن يخرج فيلم Jumper – وتمنيت أن يأتي اليوم الذي تُحقق فيه التقنية هذا. لم أكن مُهتمًا وقتها كيف سيتم ذلك، لكن كل ما شغل بالي هو تحقيق هذه الأمنية، وقد كان ذلك قبل أن أُصبح مهووسًا بالتقنية منذ سبعة أعوام تقريبًا، لأبدأ بالتعرف على هذا المُصطلح الذي أثار اهتمامي كثيرًا… الواقع الافتراضي.

طبقًا لتعريف ويكيبيديا فإنّ الواقع الافتراضي هو مُصطلح يُطلق على محاكاة حاسوبية للواقع المادي، بحيث يوفر إمكانية التواجد في أكثر من مكان حول العالم وأنت مسترخي على الأريكة في منزلك الدافئ!

يعود تاريخ الواقع الافتراضي إلى آلاف السنين عندما قضى الكثير من العلماء وقت طويل في محاولة لابتكار طريقة للانتقال من مكان لآخر بأسرع سُرعة ممكنة، بل وفي بعض الأحيان إيجاد طريقة للتواجد في أكثر من مكان بنفس الوقت. وقتها لم يكن العلم متطورًا لإيجاد حلول لهذه المُعضلة، لكن بعد التطور التقني الذي بدأ منذ عام 1900 ميلادية، برز هذا المُصطلح مرة أخرى وخصوصًا في الخمسينيات من القرن الماضي، لكن في هذا الوقت كانت التجارب باستخدام تقنيات بدائية – مُقارنةً بالعصر الحالي – حتى توقفت التجارب مع انتشار الحوسبة الشخصية وظهور شبكة الإنترنت.

كان هذا الحال حتى ظهور مشروع ناشئ منذ عامين تقريبًا على موقع Kickstarter يُروّج لمُنتج جديد كُليًا باسم Oculus Rift. المُثير في هذا المشروع لم يكن اسمه الغريب، بل الهدف منه وهو إنشاء جهاز واقع افتراضي يعمل فعليًا ويُمكن استخدامه وترويجه تُجاريًا للمستهلكين حول العالم. استطاع مشروع Oculus Rift أن يتجاوز الهدف التمويلي المرغوب من حملة Kickstarter وبدأ الإعلام بتسليط الضوء على المشروع الذي حوّل سنوات من الخيال إلى واقع فعلي يُمكن استخدامه بواسطة الأشخاص العاديين.

مع سطوع نجم Oculus Rift بدأ اهتمام مؤسس فيسبوك “مارك زوكربيرج” يزيد حول المشروع، ودخل في مفاوضات استمرت طويلًا – في الخفاء – قبل أن يُعلن رسميًا عن الاستحواذ على المشروع وضمّه إلى قافلة فيسبوك بمبلغ يصل 2 مليار دولار. الأهداف المُعلنة من استحواذ فيسبوك هو توفير التمويل اللازم لنمو شركة Oculus وتسريع تطوير منتجها الرئيسي وجهاز الواقع الافتراضي Oculus Rift، حتى أنّ مؤسس فيسبوك أشار للإعلام أكثر من مرة أنّ المشروع سيكون مُستقلًا عن فيسبوك تحت إدارة مؤسسه Palmer Luckey.

مُشكلتي دومًا مع فيسبوك هي النية السيئة التي أحملها نحو هذه الشركة التي أعتبرها المصدر الأول لاختراق الخصوصية في العالم… ولازلت أستخدمها! لكن بعيدًا عن النوايا السيئة، هذه بعض الإمكانيات التي توفرها تقنية الواقع الافتراضي للشبكة الاجتماعية الأكبر:

  •  نقل الشبكة الاجتماعية إلى الواقع الافتراضي، بحيث توفر مُحاكاة للواقع الخيالي! كيف يكون ذلك؟ مثلًا بأن تعيش حياة أخرى غير حياتك الحالية… حياة تختارها أنت.
  • جمع بيانات أكبر وأكثر دقة عن سلوكيات وعادات المُستهلكين عبر الواقع الافتراضي، وبالطبع سيكون استخدام هذه البيانات في عرض إعلانات تتوافق مع كل مستهلك على حده.

لم تظهر نوايا فيسبوك بعد، لكنّنا لن ننتظر طويلًا قبل أن تخرج علينا، فكما تعلمون… التقنية تتطور سريعًا

بعيدًا عن فيسبوك ونواياها السيئة – أجل سيئة – لك أن تتخيل مقدار ما يُمكن تغييره في المُستقبل باستخدام هذه التقنية. سيُمكنك مثلًا مُشاهدة الأفلام المفضلة لديك وكأنّك تعيشها، أو متابعة مباراة الكلاسيكو وكأنّك بالملعب. الإمكانيات كثيرة جدًا لهذه التقنية… حتى على الصعيد العسكري، وقد بدأت الدول المتقدمة بالفعل منذ زمن باستخدام هذه التقنية في محاكاة المعارك لتدريب الجنود بشكل أفضل وتحسين أداؤهم في الحرب، أمّا مُستقبلًا، يُمكن استخدامها في التحكم بالجنود الآليين ليحاربوا بالنيابة عنّا!

إلى أين ستذهب بنا تقنية الواقع الافتراضي؟! لا أدرى، لكن أتمنى أن يكون استخدامها في أمور تُسهّل وتُفيد الحياة البشرية. السؤال الأهم هو رؤيتك أنت حول هذه التقنية… شاركنا إياها.

‫6 تعليقات

  1. مقال رائع صراحه

    لدي ملحوظة بسيطه في مقال اتمنى ان تغير هذا السطر ” مثلًا بأن تعيش حياة أخرى غير حياتك الحالية… حياة تختارها أنت. ”

    لأن الكثير سيفهمها بطريقة غير جيده

    ______________

    بالنسبة لفيسبوك لا يهمني انتهاكها للخصوصيه ففي عالم الانترنت قد انتهكت خصوصيتك مسبقاً من موفر خدمة الانترنت لديك

    الواقع الافتراضي سيفيد البشر جدا لكن لازال الوقت مبكراً عليه

  2. بالنسبة لي أيضا كان ذلك حلما في طفولتي، ليس بالضرورة التواجد في أكثر من مكان في نفس الوقت لكن على الأقل إمكانية السفر لمكان ما في لمح البصر، …لكنه حلم
    قبل أربع سنوات عدت للحلم من جديد، لكن بطريقة بدائية هذه المرة أو ربما شاعرية، ” ليتني كنت ملاكك الحارس أو حمامة أسافر إليك … أسافر معك … أكون حيث تكون أنت حتى من غير أن تراني فأنا لا أريد أن أزعجك … أريد أن أراك، أن أكون قرييا منك، … من دون أن أزعجك” … لم أكن حينها أعرف شيئا عن التطور الحاصل، لكني أحببت شخصا و لا أعرف حتى الآن السبب أو النتيجة !!! كان الأمر أشبه بالمنام و مازال … إنه في الطرف الآخر من العالم و لا يمكن بأي حال الوصول إليه… كان الأمر موتا بطيئا و لأكثر من سنة وصل بي الأمر إلى الرمق الأخير، لم أعد أقوى على التنفس … صعود الدرج أو نزوله أصبح مشوارا صعبا بالنسبة لي … لم ينفع معي دواء، صدفة إلتقيت صديقة المدرسة الثانوية و عرفت منها أنها تقدم دورات تعليمية عن مبادئ الكمبيوتر و كتسلية التحقت بها، وجدت أنهم إلى جانب التعليم يقومون بشيئ آخر هو الصيانة و البرمجة و قررت تعلم هذه الأمور أيضا…
    الحقيقة لم يكونو مهتمين بوسائل الدردشة أو مواقع التواصل بل عملهم مركز على الإصلاح و الصيانة … لكن فضولي من جهة ثم قلبي المسافر كلاهما يسيران بنفس الإتجاه… جعلاني أبحث و أجرب كل مايمكنني تجريبه عله يحقق لي الحلم ” حلم التواجد حيث من أحب ” هكذا أصبح الحلم و لا شيء آخر، في هذا الوقت كان يبدو أن الأمور مع ” قلبي” هناك تتطور بنفس الإتجاه مع أنني لا أعرف شيئا عنه و لا ما يحصل معه و لا هو يعرف ما يحدث هنا أو ما يحصل معي، فالتواصل شبه مقطوع، لكن كل مرة أكتشف شيئا جديدا بمجال التواصل كانت تصلني رسالة منه تتضمن دعوة للتطبيق …صدفة …، الأمر كان غريبا منذ البداية !!! سبحان من له حكمة في كل شيء، رغم الحب الذي لا يوصف كان التواصل صامتا و لازال، أمور كثيرة حصلت بصمت أو بقليل من الضجيج و بكثير من الألم … لم يتحقق الحلم و ربما… لكن الحمد لله كان الفايسبوك نعمة و حقق لي أشياء قريبة من الحلم، فبدلا من أصبح “حمامة” أسافر إلى حيث من أحب صرت “فراشة ضوء, فراشة ليل ” أنتحر بصمت حول قنديله المشتعل على دردشة الفايس بوك” …

  3. عذرا … لم أقصد الرد هنا، أردت التعليق على المقال طلع عندك
    لم أنتبه، عذرا من جديد

  4. كاتب الموضوع و “حرف مكسور”
    ما فكرتوا تسووا كتب أو روايات ؟ أسلوبكم الكتابي مميز ورائع

    دمتم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى