منذ نشأت أكبر شبكة اجتماعية في العالم، سعى الفيس بوك الى الاهتمام بنسخته الموجهة للهواتف الذكية، بمختلف المنصات المتوفرة و المتاحة، و في ذات الوقت خطى عدة خطوات منها الناجحة و الفاشلة لجعل الفيس بوك شيئا عظيما على هواتف الناس في ظل النجاحات الكبيرة التي يعيشها في الويب المكتبي.
لقد عرفت قيادة العملاق الأمريكي أن الهواتف الذكية ستنتشر بشكل كبير من الأن فصاعدا، في كل دول العالم المتقدمة و النامية و حتى الفقيرة، و لكونها تتيح الاتصال بشكل أسهل مع الأنترنيت، فهذا يعتبر فرصة أكبر للمواقع بشتى أنواعها، و هذا ما أدركه الكبار و بدأ الصغار يفهمونه.
من سنة 2007 الى الأن يواصل الفيس بوك جهوده لتطوير النسخة المحمولة من موقع التواصل الاجتماعي الأزرق، و في نفس الوقت يعمل المبرمجين بالشركة للتركيز على تقديم تطبيقات متنوعة تخدم مستخدمي الموقع و تسهل التواصل بينهم، و مشاركة حياتهم بشكل مفصل و أدق.
و اذا سألتني حول أهداف الفيس بوك للزحف في قطاع الهواتف الذكية و المحمول، فإنني سأجيبك جوابا واحدا لم أجد غيره، ألا و هو تحقيق الانتشار و ضمان بقاء المستخدمين على اتصال، و تحقيق الارباح من الاعلانات التي تظهر بين الفينة و الأخرى. و لا ننسى بالطبع التعرف أكثر على هوية المستخدمين و انتماءاتهم عبر استغلال البيانات المخزنة على تلك الأجهزة .
و مع مرور السنوات و الى اليوم، انتقل الفيس بوك الى مرحلة جديدة من النجاحات، نعم انتقل من الثورة على الويب المكتبي الى ما أسميه بمرحلة ثورة الفيس بوك على الهواتف الذكية .
و الحقيقة أن وجود تطبيقات الفيس بوك على كل الهواتف الذكية لأغلبية المستخدمين، يجعلنا فعلا نقتنع تماما بأن الفيس بوك يعيش ثورة عملاقة على هذه الأجهزة المهمة في حياتنا. لكن كيف حدث ؟ التفاصيل في السطور التالية.
الفيس بوك سنة 2007 … أول خطوة في ويب المحمول
في سنة 2007 أعلن الفايسبوك عبر مدونته الرسمية انشاء نسخة من الموقع مخصصة للمحمول يمكن الولوج اليها من m.facebook.com و الى حد الأن ما زالت متوفرة، و يتم استخدامها من متصفحات المحمول و تتميز هذه النسخة بسهولة التصفح و الانتقال، اضافة الى الحجم الصغير و المتوافق مع شاشات الهواتف باختلاف أحجامها، كما أنها نسخة لا تتضمن كثرة الصور لتجنب تشويه الشكل العام للشبكة.
و توفر للمستخدمين نشر المنشورات و القيام بمحادثات , اضافة الى الاعجاب بالمنشورات و الاطلاع على الصور و مشاهدة الفيديوهات، كما أنها تتيح اضافة المزيد من الاصدقاء بكل سهولة.
الفيس بوك يقتحم الهواتف الذكية … الأيفون بداية
في نفس العام و بشكل محدد في شهر أغسطس أطلق الفيس بوك نسخة من الشبكة موجهة للهواتف الذكية و بشكل أدق الأيفون و الذي كان يشهد حينها مبيعات خيالية .
و تتميز هذه النسخة التي يمكن الولوج اليها من خلال العنوان x.facebook.com بحجم أكبر للرؤية و سهولة في القيام بالكثير من الأمور الأساسية على الفيس بوك, اضافة الى قدرتها على ارسال رسائل SMS. كما أن تصميمها أحدث و متوافق مع الأيفون.
اطلاق ميزة التعليق على منشورات الأخرين … ملايين من التعليقات بعد ساعات …
لم يكن يتوفر من قبل في نسخة الموبايل للفيس بوك امكانية التعليق على منشورات الأخرين و في سنة 2008 أضافت الشبكة خاصية التعليق على مشاركات و منشورات الأصدقاء و الأخرين و قد لاقت استحسان المستخدمين و اقبالا كبيرا نتج عنه 1 مليون تعليق بعد 24 ساعة من الاطلاق.
أول هاتف الفيس بوك… iNQ iNQ1
مرة أخرى في سنة 2009, قرر الفيس بوك أن يخطوا خطوة أكبر نحو المزيد من الشعبية في الهواتف الذكية و على أساس ذلك اتفق مع شركة “سنغافورة تلي كومينكيشن” لإطلاق هاتف مخصص فقط للفيس بوك و هذا ما حدث عندما أطلقت الشركة الأسيوية هاتف “INQ1” الذي حصل على جائزة أفضل هاتف بمعرض “Mobile World Congress” لنفس العام ، و رغم ذلك لم يحقق الهدف المرجو منه أبدا.
100 مليون مستخدم على الهواتف الذكية … البداية الحقيقية
خلال سنة 2009 شهد عدد مستخدمي الفيس بوك من أصحاب الهواتف الذكية و العادية نموا كبيرا و قفزة نوعية.
هواتف Apple, Nokia, INQ, HTC, LG Electronics, Motorola, Palm, RIM, Samsung, Sony Ericsson, T-Mobile Sidekick و ايضا Windows Mobile تستقطب زوار و مستخدمي الفيس بوك بشكل مستمر .
و في 2010 أعلنت الشبكة عن 100 مستخدم للفيس بوك من الهواتف باختلاف أنواعها و المنصات الخاصة بها ليكون بذلك اعلانا بعهد جديد للفيس بوك على أجهزة المحمول.
تطبيق الفيس بوك لأول مرة رسميا
بعد عدة سنوات من استخدام الناس للفيس بوك على أجهزتهم المحمولة بالولوج الى نسخة المحمول في المتصفحات قرر العملاق الأمريكي هذه المرة أن يخطوا خطوة ضرورية في ظل انتشار تطبيقات الهواتف الذكية و تزايد شعبيتها على الأيفون و هواتف نوكيا، اضافة الى أجهزة الأندرويد و البلاكبيري .
و بناء على ذلك أعلن رسميا سنة 2010عن التطبيق الرسمي للفيس بوك و الذي يعمل على جميع منصات المحمول الشهيرة و الصاعدة.
تطبيق الفيس بوك حتى للهواتف الغبية!
جميعنا نتذكر الحملة التي أطلقها الفيس بوك و المعروفة باسم “Facebook for Every Phone” و التي أدت بالفعل الى تعميم أكبر شبكة اجتماعية و دعمها سواء للهواتف الذكية أو حتى لما قبلها من هواتف غبية ان جاز التعبير و بالفعل تمكنت الشركة الأمريكية من بناء و تطوير تطبيقها لحوالي 2500 من أجهزة نوكيا و ال جي و سوني اريكسون .
اخفاق في الموازنة بين تحديثات التطبيق على أفضل منصتين بالعالم.
مع ظهور الهواتف الذكية و توجه العالم نحوها قفز الى السطح منصتين هما الأفضل في العالم الى حد الأن ألا و هما iOS و Android, و سريعا ما حصلا على تطبيق الفيس بوك
لكن المشكلة التي وقعت فيه قيادة الشبكة هي أنها لم تستطع أن توازن بين التحديثات التي تطلقها للتطبيق على المنصتين فمثلا يصدر تحديثا معينا على iOS و لا يحصل عليه نفس التطبيق على الأندرويد الا بعد مرور شهر أو أكثر بكثير !
المحاولة الأخيرة مع INQ لإنتاج هاتف الفيس بوك.
مع عدم تحقيق الأهداف المرسومة و المحددة من خلال انتاج الهاتف الفيس بوكي INQ1 راجت في الأفق الكثير من الأخبار التي أشارت الى استحالت التعاون الأمريكي – السنغافوري في هذا الصدد.
لكن ما حدث كان العكس تماما هاتف جديد بشاشة لمس يطلق عليه INQ Cloud Touch ، لكنه بقي غير مدعوم من الفيس بوك لفشله أيضا في تحقيق المبيعات الكبيرة من الوهلة الأولى
هاتف الفيس بوك يبقى حلم … أول محاولة مع اتش تي سي لإنتاج HTC Status
الحقيقة أن شكل HTC Status جذاب و رائع و بمجرد أن أعلن عنه باعتباره هاتف الفيس بوك الرسمي و الذكي حتى قيل كثيرا أنها المحاولة الناجحة للفيس بوك من أجل انتاج هاتف سيملكه كل شخص منا و سيكون مخصصا للمحادثة مع الأصدقاء و متابعة الصفحات و التعليق على المنشورات بل و التواجد بشكل مستمر على الشبكة الأكبر بالعالم.
لكن ما حدث هو العكس هاتف أخر لم يحقق للشركة الأمريكية رجاءها و ظل نموذجا فاشلا من محاولاتها لاقتحام هذا القطاع بأقوى ما يمكن.
تطبيق الفيس بوك للأيباد … لأن اللوحيات نوع من المحمول.
عندما نقول المحمول , فنحن لا نقصد الهواتف الذكية فقط , بل نقصد ايضا اللوحيات , و هذا ما تعرفه جيدا ادارة الفيس بوك لهذا و مع انتشار الأيباد و اهتمام ملايين الناس به سارع الفيس بوك الى اصدار تطبيقه الخاص للأيباد و بالضبط في أكتوبر 2011 و الذي يحمل الكثير من المميزات المتوفر في تطبيق الهواتف و منها الأداء الجيد و سرعة التفاعل.
مواصلة تحديث التطبيق … للمزيد من المميزات
واصل العملاق الأمريكي تحديث تطبيقاته على مختلف منصات الهواتف الذكية و اللوحيات مستهدفا من خلالها اغلاق الثغرات الأمنية و تحسين الواجهة اضافة الى توفير المزيد من المميزات للتكيف مع التغييرات السريعة التي تتم على نسخة الويب و كل هذا كي تحظى تطبيقاته بانتشار كثيف على الموبايل و يحقق من خلالها المزيد من الأرباح في ظل تقارير تشير الى فشل الفيس بوك في استغلال العدد الهائل من المستخدمين على أجهزة المحمول لجني أرباح خيالية و ممكنة.
Facebook Home … واجهة لاستمرار التواجد على الشبكة
يبقى هدف الفيس بوك هو أن يتواجد الناس على مدار الساعة و اليوم و الشهر و حتى السنة للتواصل مع أصدقائهم باستمرار و أن يشاركوا معهم تفاصيل ما يعيشونه باستمرار في مختلف الأماكن و الظروف و لهذا ابتكرت واجهة سميت بــ Facebook Home رأيناها لأول مرة مدمجة في هاتف HTC First الذي أنتجته بالتعاون مع العملاق التايواني اتش تي سي .
و بمرور أيام قليلة أصبحت الواجهة متوفرة لجميع هواتف الأندرويد تقريبا و تم تحميلها من طرف الكثيرين من المستخدمين و هناك من أعجب بالواجهة و في نفس الوقت هناك من قام بحذفها على جهازه لكن الى حد الأن لا يزال الكثيرين يستخدمونها للتواصل المستمر مع أصدقائهم و نشر المنشورات و متابعة التحديث دون أن ننسى ظهور الاعلانات بين المشاركات بعض الاحيان.
ميزة Chat Heads لنظام iOS … للدردشة بشكل أفضل
من المشاكل التي واجهت الشبكة الاجتماعية الكبرى في العالم نجد سعي الفيس بوك لتوفير ميزة أو تطبيق تتيح للمستخدمين التواصل باستمرار في أي مكان على منصة iOS الخاصة بأبل و على هذا الاساس ابتكرت ميزة Chat Heads للدردشة و التواصل في أي مكان على تطبيق الفيس بوك، و للأسف لا يمكنها أن تشتغل عند اغلاق التطبيق لكنها على الأقل تتيح الدردشة و أنت تتصفح صفحات الشبكة و تشاهد الملتميديا المختلفة التي تم رفعها من قبل الأخرين اليها.
خلاصة : مواصلة الثورة على المحمول ضرورة كبيرة
في وقت تواصل فيه الهواتف الذكية و اللوحيات انتشارها بشكل أكبر و انخفاض الاقبال على الأجهزة المكتبية من قبل الأفراد أصبح من الضروري على الفيس بوك مواصلة الجهود الفكرية و المادية ليتوفر بشكل أفضل على تلك الأجهزة التي يأخذها الناس بيد واحدة الى أي مكان و يتواصلون من خلالها مع الجميع ليستفيد من الكم الهائل من المحتوى الذي سيوفره المستخدمين على تلك الأجهزة و يربح أكثر من القوة الاعلانية التي توفرها المنصات المحمولة و لا ننسى عمله الدؤوب لجمع المعلومات عن مستخدميه ليرتبط أكثر بحياتهم.
و مما سبق نكتشف أن الفيس بوك يعمل لتحقيق أهدافه من خلال معادلة يتم تطبيقها في الهواتف الذكية ألا و هي :
الانتشار + اعلانات قليلة مستهدفة + أدوات و مميزات جديدة + جمع المعلومات = المزيد من المال و البقاء في الصدارة !
من خلال تتبعي أجد أنّ موقع الفيسبوك يفتقد للتخطيط الجيد لما يقوم به من تحديث و تطوير، إضافةً إلى أنّه يحاكي بعض المواقع الأخرى، و العكس تماماً أجده في موقع تويتر.
مقالة رائعه شكرا لك عزيزي