مقالات

ما الذي يجعل سامسونج شركة مبتكرة ؟

Samsung

هناك جدل بيزنطي دائم حول أن نجاح شركة سامسونج يعود في غالبه إلى النسخ والسرقة، ثم تسريع الإبتكار في هذا النسخ لمنافسة الآخرين، وهذا الأمر لا شك فيه لاسيما بأجهزة الهواتف الذكية التي أطلقتها من سلسلة جالاكسي.

لكن شركة سامسونج شركة قيادية في عدد كبير من القطاعات التقنية بالتحديد، فهي رائدة في قطاعات الشاشات و أجهزة التلفاز و البطاريات و تصميم المعالجات و صناعتها، إذاً من ناحية الإبتكار فإن الشركة تقوم بجهد طيب في هذا المجال لكن ما يعرفه المستخدم النهائي هو جزء صغير فقط.

وعند النظر إلى المنافسين لمعرفة مستوى الإبتكار لديهم، نرى مثلاً قوقل و سياسة الـ 20% من الوقت التي يسمح للموظف بأن يقضيها على تطوير منتج خاص، وبالفعل ظهرت عدة منتجات قوية من قوقل ولازالت صامدة ( بالرغم من كل عمليات قتل المنتجات و التنظيف الربيعي :) ).

أما شركة آبل فهي تجند ثلاثة فرق للعمل على تطوير أي مشروع والتنافس ضد بعضها عندما يصل أي منتج أو مشروع إلى مرحلة حرجة، و نعلم كم تعطي آبل أهمية للتفكير في التصميم و تجربة المستخدم وهي بلا شك أفضل من غيرها بأشواط في هذا المجال.

لكن ما الذي تقوم به سامسونج بالمقارنة مع أكبر المنافسين الأمريكيين؟

بالنظر إلى تاريخ منافسة سامسونج يمكن أن نعرف كيف تقوم هذه الشركة بالدوران حول براءات الاختراع بالتحديد، فمنذ بدايات الإبتكار في الشركة و منافسة توشيبا في مجال آلات غسيل و تنشيف الملابس، كانت سامسونج تطارد توشيبا، بالأحرى براءات الاختراع التي تحصل عليها توشيبا، وكانت سامسونج تبحث في كل الأفكار مهما كانت بسيطة حول ما حصلت عليه توشيبا كبراءة اختراع لتقوم بطلب براءة اختراع خاصة بها.

مرت سامسونج بمرحلتين من التطوير خلال الفترة الواقعة ما بين نهاية التسعينيات و بداية الألفية الجديدة، وأدت هذه المراحل بمنعكساتها إلى نجاحات سامسونج اليوم.

قدمت المرحلة الأولى من التطوير مفهوم واسع و عام حول إمكانيات الإبتكار لدى سامسونج، ففي نهاية التسعينيات سعت الشركة بقوة للإستفادة من الخبرات العلمية و المهندسين العباقرة الذين هاجروا من الإتحاد السوفيتي بعد إنهياره.

و عملت سامسونج على تأسيس علاقة وطيدة مع الأكاديمية الروسية للعلوم وكان هناك إتفاقية إطار عمل بين الجهتين، كما وكان هناك إتفاقية مع الحكومة الكورية لتمويل الشركات الصغيرة الكورية لتطوير مشاريعها بالإعتماد على أبحاث الأكاديمية الروسية، وكانت سامسونج تساعد الأكاديمية على زيادة حصتها من براءات الإختراع و زيادة عدد المخترعات الجديدة.

وبمقتضى إتفاقية إطار العمل بين سامسونج والأكاديمية الروسية، كان لديها الحق بالحصول على مخترعات الأكاديمية لتقييمها و بالتالي كانت هذه طريقة رخيصة نسبياً للحصول على نتائج المخترعين الروس، وحتى اليوم يمكن لسامسونج أن تدفع أجور منخفضة للغاية للخبرات الروسية ما بين 3 إلى 5 آلاف دولار شهرياً.

هذه الميزة لم تكن متاحة بسهولة أمام المنافسين الأمريكيين لاسيما آبل و قوقل، وخاصة في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر حيث أصبح من الصعب نقل الخبرات من مواطنها حول العالم إلى أمريكا لرعايتها و توطينها.

TRIZ منهجية الإبتكار في سامسونج

TRIZ وهي الحروف الأولى من المصطلح الروسي ( Teoria Resheniya Izobretatelskikh Zadatch ) أي نظرية الحل الإبتكاري للمشكلات، وتعد هذه النظرية نموذج جديد ومتكامل للتطوير الإبتكاري، وما يميزها عن غيرها أنها تستخدم طرق غير تقليدية لحل المشكلات من خلال تحفيز التفكير الإبداعي.

وتعتقد هذه النظرية أن هناك 40 طريقة على الأكثر تستطيع بها حل معظم المشاكل التي تواجهك في حياتك وبطرق إبداعية.

تعمل الآن سامسونج على أجهزة عرض و شاشات ثلاثية الأبعاد بالتعاون مع الأكاديمية الروسية. وفي عام 2009 ذكرت مجلة BusinessWeek أن سامسونج تعتمد على علاقاتها الجيدة مع الخبراء الروس لتطوير برامج وتطبيقات الهواتف الذكية.

وذكرت المجلة في تقريرها أن الخبرة الروسية ساعدت سامسونج على تطوير معالجات خاصة بعمليات معالجة الصور في أجهزة التلفاز الذكي و الرقمي و أعادت تعريف تقنيات خاصة من أجل خفض نسب التشويش و الضجيج في الهواتف الذكية.

لكن التأثير الآخر للعلاقة مع العلماء الروس كان مقدمة لما يدعى اختصاراً TRIZ، وهي طريقة إبتكارية تبنتها سامسونج منذ عام 2000 لكنها لم تصل إلى الشركات الأمريكية قبل 2005.

و تعتبر TRIZ منهجية تعتمد على النظم في حل المشاكل، وتقوم بالطلب من الشركات بالبحث في التناقضات الحالية بين الظروف التقنية المختلفة و احتياجات الزبائن ومحاولة تخيل الوضع المثالي الذي يجب أن تمضي الشركة بإبتكارها نحوه.

و نجحت سامسونج في تطبيق هذه المنهجية حيث استطاعت توفير أكثر من 100 مليون دولار في مشاريعها الأولى التي اعتمدت عليها بالتنفيذ.

واستندت سامسونج بعمليات الإبتكار على منهجية TRIZ التي عرفها عليها لأول مرة المهندسين الروس الذين انتقلو للعمل في مختبرات سامسونج في سيؤول مطلع الألفية.

وفي عام 2003 سجلت سامسونج 50 براءة اختراع جديدة بالإعتماد على التفكير و العمل وفق منهجية TRIZ.

وفي عام 2004، استطاعت سامسونج وبمشروع واحد فقط توفير أكثر من 100 مليون دولار.

وتعد اليوم منهجية TRIZ مهارة إجبارية يجب أن يتحلى بها أي باحث وخبير في سامسونج إن أراد التطور في الشركة.

و يشرح Hyo June Kim مؤلف نظرية حل المشاكل الإبتكارية والذي يعمل في معهد سامسونج العالي للتكنولوجيا وقام بتدريب أكثر من ألف مهندس يعمل في شركات سامسونج المختلفة خلال عام 2004 فقط.

يشرح منطق الإبتكار في الشركة، فهي لا تعتمد على التسابق بين مختلف فرق العمل كما هو الحال في آبل، كما لا تعتمد أيضاً على منح المهندسين المزيد من الوقت ليعملوا على تطوير الإبتكار في الشركة كما هو الحال في قوقل.

لكن يقوم مبدأ الإبتكار في سامسونج على تطوير خبراء نخبة مبدعين، ويشرح هذا المخطط الفكرة، كما يشرح كيف استخدمت سامسونج منهجية TRIZ لتصل إلى شاشات Super AMOLED المستخدمة في أجهزة الهواتف الذكية وغيرها اليوم.

TRIZ منهجية الإبتكار في سامسونج

ومن المثير للإهتمام أن مدراء سامسونج قبل تطبيق TRIZ كانوا يفكرون في شركتهم على أنها يجب أن تلحق بسرعة المنافسين الآخرين بدلاً من التفكير بالشركة كإبتكار يقود السوق.

حيث سادت روح الأزمة بين المدراء بشكل دائم، فإذا لم تكن سامسونج بالسرعة الكافية للحاق بالمنافسين، فإنها لا يمكنها النجاة بهذا الوضع، هذا ما كان يدور في بال المدراء.

لكن جاءت المنهجية الجديدة لاحقاً لتجعلهم يفكرون في سامسونج كشركة قائدة لقطاعها وصناعاتها من خلال تطوير منتجات إبتكارية. و أصبح المدراء يخبرون العاملين أن عليهم أن يكونو قادة مبتكرين بدلاً من التبعية و اللحاق بسرعة بالمنافسين.

و أصبحت منهجية TRIZ جزء أساسي من تدفق العمل في سامسونج.

TRIZ منهجية الإبتكار في سامسونج

ويتدرب كل المدراء في سامسونج حتى الفرعيين منهم على تطبيق المنهجية، حيث يقضون 15 يوم تدريب بالإضافة إلى أسبوع تدريب عملي على مشروع محدد، وهذا ما يوضح إستثمار سامسونج الوقت و المجال على هذه المنهجية لثقتها بأنها مصدر ابتكار الشركة.

وتستثمر سامسونج بشكل كبير في رأس المال الفكري أي الموظفين و المهندسين والخبراء، لذا فهي تبحث عن المبدعين أينما كان في العالم.

و توجه سامسونج إبتكاراتها نحو منافسين محددين و براءات اختراع تود الحصول عليها أو على شبيه بها، كما تخلق بيئة عمل و ثقافة في الشركة تستند على الإبتكار من خلال التدريب المكثف و تطبيق منهجية TRIZ و تشكيل النخب المبدعة من فرق العمل مدعومة من أعلى المستويات الإدارية.

‫10 تعليقات

  1. للأسف لم أفهم ما هي تلك المنهجية بصورة مبسطة ..هل يمكنك تبسيطها لي اكثر

  2. لا احد ينكر ان سامسونج تعد من كبرى شركات الالكتورنيات في العالم ولكن يكمن الخلاف بين الجميع حول منتجاتها في عالم الجولات والاجهزه اللوحية فقط ..
    فالبنظر الى منتاجاتها تجد ان اغلب منتجاتها انتجت على تعب الغير وليس هنالك اي ابداع من طرف سامسونج
    فالنظام اندرويد من قوقل والتصاميم من ابل وفكرة المعالجات وغيره ايضا من ابل ..

  3. سامسونغ شركة رائدة وبشدة بعالم الالكترونيات بكافة انواعها وقصة النسخ وسرقة مجهود الغير كلام لا معنى له اثارته التافهة ابل فقط لانها وجدت نفسها بورطة نتيجة اكتساح سامسونغ لسوق الالكترونيات
    سامسونغ مصنعة لاكثر القطع الداخلية لاجهزتها الالكترونية بينما تكاد لا تجد شركة اخرى تبدا بالتصنيع من الصفر وكما الحال مع ابل فهي لا تقوم الا بالتصميم وتقوم بشراء كل شيء جاهز وهذا فرق واضح

  4. نعم نعم لها شهرتها واغلب اجهزتي منها تلفزيون وجوال وغيره من بعض المنتجات

  5. ياصديقي هل تعلم ان اجهزة ابل .. تعتمد على معالجات وشاشة وبطاريات من صنع سامسونغ ؟ .. هذا الشيء دليل كبير على انه سامسونغ هي اساس الابتكار .. اما بالنسبة للتصميم .. لا استطيع معرفة لماذا الجميع يقول انه لابل !!! .. مجرد هاتف بشكل مستطيل !!! .. من دون ازرار ! .. شركة نوكيا صممت اجهزه بهذا الشكل قبل الايفون بمدة طوويلة .. وشركات كثيرة ايضا! .. وعندك نوكيا E71 مثلا شبيه في البلاك بيري من ناحية التصميم !! . اذا الشكل ليس احتكار او ابتكار .. الا اذا كان صنع اي شيء على شكل مستطيل .. يعتبر تقليد لابل !! .. بالمختصر المفيد الايفون شكله مستطيل .. فلا يوجد فيه اي ابتكار ولا يمكنهم احتكار هذا الشكل الهندسي لهم !!!

  6. هذه مفاهيم اداريه لو لاحظت في الرسومات تدل على تسلسل العمل في تلك المنهجيه وشكل المعين يدل على وجود طريقين اما ان تقبل مباشرة وتدخل التصنيع او التعليم والابتكار والتطوير (اي في نهايه الامر تهتم بالابتكار اكثر من اي مدخلات اخرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى