مقالات

قوة تويتر: أنا أغرّد، إذاً أنا موجود

twitter_newbird_boxed_blueonwhite

هل تذكر قصة الرجل الذي لم يستطع إخفاء خبر رؤيته لأذني الحاكم الطويلتين جداً بشكل يدعو للضحك؟ كان الرجل خائفاً من أن يقطع الحاكم رأسه إن هو أخبر أحداً. هل تذكر ما فعله ذاك الرجل؟ أخذ يصرخ في البئر: “أذنا الحاكم طويلتان كأذني الحمار”، ظل يرددها حتى شعر بالارتياح بعد إذاعة الخبر الذي أرّق عليه نومه. لكن النتيجة التي لم يتوقعها هي أن الحيوانات والطيور والأشجار تلقّت حديثه وأخذت تردده وتعيد ترديده حتى علم الحاكم بما جرى ولقي الرجل مصيره المشؤوم.

ضع المصير المشؤوم جانباً. تويتر هو تلك البئر التي تخبر فيها، إلى مجتمع من الغرباء يشاركونك اهتمامك، عن كل ما يجول في ذهنك من أفكار قد لا تجد صدى لها عند مشاركتها مع معارفك في فيسبوك. إما لأنهم لا يشاركونك هذا الاهتمام أو لأنك لا ترغب بمشاركتها معهم لسبب أو لآخر.

ففيسبوك في النهاية هو العالم الافتراضي الذي يتكون من معارفك في العالم الحقيقي، وعندما تكتب شيئاً عن أفكارك التي لا يوجد من هو مهتم بها بين معارفك، فإن البعض قد يجاملك بإبداء الإعجاب بما نشرته لكنك لن تحصل على التواصل العميق الذي يطور أفكارك والذي أنت في بحثٍ عنه. خاصة إذا تذكرت أنك في فيسبوك تكتب على حائط الناس، وعليك أن تكتب ما يهتم به الأغلبية وإلا سوف يبدؤون بإخفاء ما تنشره وتفقد تأثيرك الاجتماعي.

مثلاً أنا مهتم بالتسويق الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي. لا يوجد في شبكة معارفي على فيسبوك من هو مختص في هذا الموضوع (هناك شخص واحد فقط). لذلك أتوجه إلى تويتر وأبحث عن المهتمين والخبراء بشبكات التواصل الاجتماعي وأتابعهم، ليس بهدف تكوين صداقة معهم وتبادل الصور والنكت والتهاني والآراء حول قضايا عامة، كما هو الحال في فيسبوك، بل هدفي هو تحديد تلك المجموعة التي قد تكون صغيرة والتي تهتم بموضوع محدد ولديها ما تقوله حوله. وهذا النوع من المجموعات لن أصل إليها إلا عن طريق تويتر.

عندما تحس بأن لديك ما تقوله خارج دائرتك الضيقة في فيسبوك، كفكرة غريبة مثلاً، أو شيئاً ما رأيته وتريد إخباره إلى الملايين أو في بالك سؤال ترغب بتوجيهه للعالم أو شيء من هذا القبيل، فعليك بالتوجه إلى تويتر لإيجاد من يشاركك اهتمامك، وتأكد أنك بأفكارك المميزة واستخدامك الصحيح لتويتر، المختلف تماماً عن فيسبوك، سيلقى ما تقوله صدى في مكان ما في العالم، وسيتم إعادة تغريده حتى تجد نفسك تجتذب مجموعة تشاركك نفس الاهتمام وتجد فجأة أنه قد أصبح لديك (أتباع).

ولهذا السبب فإن تويتر ليس للجميع، تويتر للمميزين.

ماذا تفعل في هذه اللحظة؟


تويتر واحد من الابتكارات التي أوجدها مبتكروها لغرض معين، ليفاجؤوا بأن الناس تستخدمها بطريقة مختلفة تماماً. أوجدها جاك دورسي كشبكة تواصل اجتماعي في عام 2006، على مبدأ الفيسبوك، لكن مهمته كانت أكثر تحديداً، فقد صُمم لهؤلاء الذين يرغبون بإبقاء معارفهم مطلعين على ما يقومون به لحظة بلحظة وبشكل آني من خلال رسالة قصيرة لا تتجاوز 140 حرفاً تجيب على السؤال “ماذا تفعل في هذه اللحظة”.

لكن في الوقت الذي أقبل فيه الناس على فيسبوك ويوتيوب بضراوة يستهلكون بنهم الصور والفيديوهات التي يشاركها أصدقاؤهم على صفحتهم، لم يجد الكثير من مستخدمي تويتر ما يكتبون عنه باستخدام 140 حرفاً المتاحة، أو بكلمات أخرى، لم يجدوا أن معارفهم يكترثون بمعرفة أنهم في هذه اللحظة في السوق، ثم بعد ساعة متوقفين في محطة الوقود، فالناس ليسوا كلهم نرجسيين ولا يعتقدون أن الكواكب تدور حولهم كما افترض مؤسس تويتر.

وعلى الرغم من ارتفاع عدد مستخدمي تويتر بنسبة 200% بين عامي 2008 و 2009 ،إلا أن الأرقام تظهر أن معظم المستخدمين الجدد لم يرق لهم تويتر، ولهذا فإن 60% من مستخدمي تويتر يهجرون حسابهم خلال الشهر الأول من تسجيلهم بالموقع كما تظهر أرقام عام 2010، كما أن تويتر أعلن في عام 2011 أن 40% من مستخدمي تويتر لم يعودوا إلى حسابهم خلال 30 يوم الماضية.

لكن تمهل، لا تعتقد أن تويتر مكسور الجناح.

تويتر ليس للجميع، لكنه للمؤثرين :

مع تردد الأناس العاديين في استخدام تويتر بالشكل الذي كان بذهن مبتكريه، ظهرت فئة من المستخدمين أقبلت على تويتر، يهتم بهم الناس في الأحول العادية، ويتمنون لو يعرفوا ما يفعلون وكيف يفكرون لحظة بلحظة، هؤلاء هم الأشخاص المؤثرون من رياضيين ورجال سياسة وصنّاع القرار وفنانون وكبار المؤلفين وكل شخص يُنظر إليه على أنه شخص ذو نفوذ يرغب الناس بأن يعرفوا ” ماذا يفعل في هذه اللحظة”.

وتواجد هؤلاء المشاهير من العيار الثقيل هو الذي أكسب تويتر قوته، وجعل الناس تقبل عليه. كما أن هؤلاء المشاهير وذوي النفوذ أعجبتهم فكرة وجود أناس متابعين لهم، فأخلصوا لهم وفضّلوهم على وسائل الإعلام في كل ما يستجد لديهم من أخبار وأفكار وقرارات مهمة. وهذا ما أجبر وسائل الإعلام على التواجد في تويتر وإبقاء عينهم مراقبةً له. ومن الأمثلة عن إخلاص المغردين لمتابعيهم في تويتر، إعلان وضاح خنفر الرئيس السابق لقناة الجزيرة والمصنف كالشخصية السادسة الأكثر تأثيراً في العالم العربي بحسب مجلة أرابيان بزنس قراره بالاستقالة من خلال تويتر قبل أن تنشره أي وسيلة إعلامية.

ولهذا لا نستغرب عندما تُظهر أرقام تويتر أن 58 مليون مستخدماً يتابعون 8 حسابات على تويتر، فهذا يؤكد على أن عددا كبيراً من الناس موجودون في تويتر لأن هذه الشخصيات المؤثرة موجودة.

تويتر قوي:

إذا فتويتر قوي، وقوته في بساطته. 140 حرفاً في التغريدة الواحدة، تجبر المغرد على أن يبتعد عن التطويل ويضع زبدة أفكاره في أقل من عشر كلمات، وهو أحد التحديات الذهنية التي أحبها، وتدريب ذهني لا يقوى عليه الكثيرون، مما أدى لخلق مجتمع كامل هو مجتمع المغردين، له اصطلاحاته، ومحبوه، وأدواته المختلفة عن أي موقع تواصل اجتماعي آخر.

كما أن قوة تويتر هي في أن مئات ملايين المحادثات في منصة تويتر هي في النهاية حديث واحد يتألف من جميع المحادثات، يمكنك المشاركة في أي محادثة تجري والتعليق على أي تغريدة، وبهذا يمكن لأي شخص البحث عن ما يتم تداوله فيما يتعلق بموضوع معين في لحظة ما. أي إذا أردت أن تعرف عما يتحدّث العالم في أي لحظة من اللحظات فعليك بتويتر.

أضف إلى ذلك، أن تويتر فرصة للحديث مع الغرباء، والناس الذين لا يشبهوننا في عاداتنا وتفكيرنا. وهذا أمر نحن محرومون منه في فيسبوك، لأننا عندما نتلقى هناك طلباً (لإضافة صديق) من شخص لا نعرفه أو بالكاد نعرفه، نتردد قبل إضافته. فالكثير من الناس يفضلون إبقاء مستوى من الخصوصية وتحديد من سيرى ما لديهم من صور ومقاطع فيديو وتحديثات عن مكان التواجد، ذلك على الرغم من أننا قد نرغب بالتواصل مع غرباء، لكن المشكلة ببساطة أن فيسبوك ليس المكان المناسب. هنا يسطع نجم تويتر الذي يمكنك من التواصل مع 200 مليون شخص غريب متوزعين في مختلف أنحاء الكرة الارضية.العرب و تويتر :

العرب وتويتر:

على الرغم من كل هذه القوة لدى تويتر، فإذا دخلت لحسابي في تويتر ستجد أن عدد التغريدات التي نشرتها لا يتجاوز العشرين. وهذا يعود إلى أن تواجد المغردين العرب المؤثرين من كتاب ومفكرين قليل جداً، مما يحرمني (ويحرمنا جميعاً) للأسف من معرفة كيف يفكر الأشخاص العرب الذين أنا من المعجبين بهم. على أية حال، استخدامي الأساسي لتويتر حالياً هو للتواصل مع الخبراء في مجال التسويق الالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار والتحديثات المتعلقة بمجالي.

ما رأيك بتويتر، كيف تستخدمه؟ هل تعرف شخصيات مؤثرة عربية تتواجد على تويتر وتنصحني بمتابعتها؟

المصدر

‫26 تعليقات

  1. تويتر:مثلا هناك شخصيات كان من الصعب ان تفكر في التواصل معهم. ولاتنسى ان هناك من مشايخ الدعوة دخلو هذا المجال.

  2. أجل. ولكننا بحاجة لمؤلفين وكتاب ومفكرين وعلماء وأساتذة جامعات على تويتر. وبحاجة لكل شخص لديه معلومة أن يشاركها مع الآخرين.
    فبرأيي الشخصي، كلما زاد تخصص الموضوع، زادت الحاجة لتويتر أكثر من أي شبكة تواصل اجتماعي أخرى.

  3. نعم هو جدا مفيد واشكرك على طرح هذا الموضوع ولكن بما إني اهتم بالبرمجة وتطبيقات الجوال فأنا اريد ان تنصحوني بأسماء استطيع الإستفادة منها لو سمحتم

    ومشكورين

  4. مقال رائع .. شكرا جزيلا لك, لم أقرأ مقالا كهذا منذ زمن

    نُشرت كتب و مواضيع حول تويتر في هذه المدونة و غيرها .. لكن لم يعّرف تويتر أحد مثل تعريفك الدقيق له .. من سيسألني عن تويتر سأحيله لهذه المقالة

    وبالمناسبة, قصة حلاق الحاكم لم تكن نهايتها مشؤومة .. بل تزوج من ابنة الحاكم في النهاية :)

  5. مقالة جميلة :)
    لا أوافقك على الجزئية الاخيرة
    إذا كنت تبحث عن شخص تتابعه فتابعني انا :D

    أنا مهتم بالإعلام الاجتماعي ، التقنية، وريادة الأعمال وفي المجالات الثلاثة يوجد الكثير من المحترفين العرب لتتابعهم وكذلك يمكنك متابعة الأجانب.
    هذا الموقع العربي سيفيد كثيرا من يبحث عن المشهورين http://mtwtron.com/

  6. انا اهتم بماوراء الكواليس السياسية ومن يحكمنا وكيف هو الحكم وعرض جميع الامور السياسية على الكتاب والسنة فتكونت عندي افكار وقناعات عن مالذي يحدث وهل نحن على الصراط المستقيم او على شفا جرف هاو. هذه هوايتي وهذا ما احب. ولم اجد فايتي الا في تويتر. جميل هذا العصفور وجميل هي تغريداته. تحياتي لك ولمقالك المبدع.

  7. هههه، شكرا على التصحيح، أذكر أني شاهدت القصة في صغري في مسلسل حكايات عالمية. سأشاهدها مرة أخرة.
    هذه المقالة في الحقيقة طويلة، لكنني جزأتها لجزئين لتجنيبكم الملل. سأنشر الجزء الثاني قريبا.

  8. هههه، شكرا على التصحيح، أذكر أني شاهدت القصة في صغري في مسلسل حكايات عالمية. سأشاهدها مرة أخرة.
    على فكرة، هذه المقالة في الحقيقة طويلة، لكنني جزأتها لجزئين لتجنيبكم الملل. سأنشر الجزء الثاني قريبا.

  9. شكراً على القائمة أخي أحمد. من نظرة أولى عليها، أرى أن أغلبهم من الإعلاميين ورجال الدعوة. وهذا أمر جيد. لكن قلة هم الخبراء. خبراء في الحاسب والاقتصاد والتسويق والأعمال والأدب والشعر والفن…. أساتذة جامعات مثلا. لعلك توافقني.

  10. مقال رائع
    كل من سألوني عن التسجيل في تويتر، أجبتهم بإجابتين: الأولى: طريقة التسجيل والاستخدام، الثانية: زيارة موقع متوترون، حيث أنه يختصر لك الطريق في إيجاد الأشخاص الأشهر والمتخصصون في تويتر وأيضاً يختصر لك الطريق في معرفة كيفية عمل موقع تويتر وطريقة استخدامه.

    mtwtron.com

    أيضاً يا عزيزي.. اعتقد أنك كتبت آخر جزئية من الموضوع والملل يساورك.. فقد كتبت كلمة “تيوتر” 3 مرات! في عنوان الجزء الأخير، وفي السؤال قبله، وفي السطر الأول بعده :)

  11. شكراً أخي الكريم. بالفعل متوترون موقع رائع.
    لا وجود للملل عندي أبداً عند الكتابة.عذراً على هذه الأخطاء الإملائية، لقد لاحظتها بعد النشر، وأنا أعمل على التصحيح. سأتحدث مع إدارة عالم التقنية.

  12. اشكرك اخي الكريم على هذا الطرح المفيد،هل تعلم اني امتلك حسابين او ثلاثة في تويتر منذ فترة طويلة واذكر اول حساب لي كان في اوئل الاعوام التي خرج بها تويتر للعالم، ولكني وبكا اسف لم افلح في استخدامه لظني انه فكرة مشابهة للفيس بوك. فقررت البقاء على الفيس بوك لعلمي به ولوضوح فكرته. ولكنك الان مع هذا الطرح جعلتني تواقا لاكتشاف هذا العالم لمعرفة المزيد عنه. اذكر انني لمتابعتي لمصارعة الحرة انهم يركزون على موقع تويتر بشكل مكثف فرازدني سؤال؛ لماذا حيركز المصارعون على الكلام عن هذا الموقع والفنانون بشكل عام وتركيزهم الى لفت المشاهدين الى هذ الموقغ؟ الا اجد عندك بعض التوضيح المفصل اكثر؟

  13. أخي عمار، شكراً في البداية لى إسهامك.
    ما حدث معك من هجرك الفيسبوك شيء طبيعي جداً، وقد حدث معي أيضاً سابقاً قبل أن أعود غليه، ويحدث لمعظم المتحمسين لتيوتر. فنحن نقرأ عنه في كل مكان، في التلفاز والانترنت ونحس أن هناك ثورة فنحاول أن نكون جزءاً منها، لنكتشف لاحقاً أننا لا نحب تويتر.
    مستخدموا تويتر مختلفون تماماً عن مستخدمي فيسبوك، من حيث طريقة التفكير ونمط الحياة. وهنا أتحدث عن من يستخدمونه بإفراط، فلا يستطيعون ترك تغريدة تمر دون قراءتها. حتى أن هؤلاء قد لا يعجبهم الفيسبوك.
    كما أشرت في المقال، المشهورون من رياضيين وفنانين يستهويهم تويتر لأنهم من خلاله يستطيعون إبقاء معجبيهم على إطلاع لحظة بلحظة على ما يفعلونه. وينظر المعجبون لتغريدات هؤلاء الفنانين والرياضيين، على أنها شكل من أشكال إظهار الولاء والتقدير لهم من خلال إطلاعهم على ما يفعلونه، وعلى قراراتهم حتى قبل إطلاع وسائل الإعلام عليها، كما فعل وضاح خنفر بإعلان استقالته، وكما فعل محمد البرادعي أيضا.
    على كل، مقالي كان في الاساس طويل جداً، لذا جزأته لجزئين، سأتطرق في الجزء الثاني لاستخدامات لتويتر. أعتقد أنه سيجيب على أسئلتك أكثر.
    شكراً

  14. بكل أسف يبدو أن مسيي غير مولع بتويتر. هناك حساب خاص باسمه فيه أكثر من 400 ألف متابع لكن دون أي تغريدة ما يعني أنه لا يستخدمه أبداً أو ربما أنشأه أحد المعجبين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى